فصل: في ذكر تفصيل أحكام المترادف الذي سبق ذكره
  قلنا: لا نسلم العري عن الفائدة، وإنما يلزم ذلك لو كانت الفائدة منحصرة في فهم المعنى، وليس كذلك، وقد يكون لوضع اللفظ فوائد أخر كما سيأتي.
  (و) اختلف في وجوب صحة وقوع كل واحدٍ من المترادفين مكان الآخر، واختار المصنف وجوبَها، فلذا قال: (ويقع كل منهما مكان الآخر) لعدم المانع؛ لأنه إمَّا من جهة المعنى أو التركيب وكلاهما منتفٍ.
  أمَّا الأوَّل: فلإيجاد المعنَى فيهما.
  وأمَّا الثاني: فعلمنا من اللغة قطعاً أنه إذا صح وأفاد المقصود لم يكن في التركيب حجراً.
  قالوا: لو صح وقوع كل من المترادفين مكان الآخر لصح خداي أكبر؛ إذ هو مراد لله في لغة العجم.
  قلنا: منع من ذلك مانع وهو التعبد بلفظه، ولذلك قال المصنف |: (إلا في المتعبد به) فإنه يجب أن يلفظ بلفظه، ولذلك منع القوم قراءة القرآن بالمعنى، سلمنا عدم مانع التعبد، فهاهنا مانع آخر وهو اختلاط اللغتين فلا يلزم المنع في المترادفين من اللغة الواحدة.
  (ويكون) الترادف (من واضع) واحد (أو) من (واضعين) فصاعداً، كما إذا وضع أحد القبيلتين أحد الاسمين لشيء ووضع الآخر اسم لذلك الشيء ثُمَّ يشيع الوضعان.
  فإن قيل: ما فائدة وضع المترادف، والواحد كافٍ في الإفهام.
  قلنا: (فائدته التوسعة) في اللغة، ألا ترى إلى واصل بن عطاء وتجنبُّه الراء، فقيل له: فكيف يقول ركبَ فرسه فقال: على جواده، ونحو ذلك، فلو لا الترادف لم يمكن ذلك.
  (وتيسير النظم والنثر) سبب موافقة أحد اللفظين للرويِّ وهو الحرف الأخير من القافية والفاصلة، فإنَّه يتستر به ذلك دون الآخر الذي ليس كذلك.
  (أو التجنيس) وهو تشابه الكلم في اللفظ مع اختلاف المعنى كقوله:
  وثنيَّة جاوَزْتُها بثنيةٍ ... حرفٍ يعارضها جنيب أدهم
  فالتثنية الأولى عقبة، والثانية ناقة، والجنيبُ الأدهم، استعارة عن الظلّ.
  والظاهر أن التجنيس قد يحصل بأحد المترادفين دون الآخر كما حصل هاهنا بالثنيّة دون العقبة والناقة.
  واختلف في الحد والمحدود كالحيوان الناطق والإنسان، هل هما مترادفان أولا؟