فصل: في بيان الأمور التي يحصل بسببها الإخلال بالقطع بمدلول اللفظ
  وما أنس لا أنساه إن لحبه ... حديثاً على مر الزمان قديما
  وكذا قوله:
  فقلت دعوني والعلا نبكه معاً ... فمثل كثير في الرجال قليل
  إذا جعلنا الأعلام المنقولة من قبيل المشترك.
  والمجانسَة: مثل رحبة رحبة بخلاف واسعة.
  والروي: مثل غيث مع ليث دون أسد.
  والمطابقة: والمراد بها هنا المشاكلة.
  قال سعد الدين: نحو: كلما ضرب له مثلاً ضرب في الأرض مهلاً، ولو قلت: بين لم يثبت طباق.
  قال: وفيه نظر ووجهه: أن المشاكلة إنما تكون بذكر الثاني بلفظ الأول دون العكس، وقد يجاب بأنَّ ما ذكر في تعريف المشاكلة شامل لكلا الصورتين معاً.
  فإن قيل: المناسب أن يبين كونه أوجز وأوفق من المجاز؛ لأن الكلام فيه.
  قلنا: بل المقصود المشترك قد يكون مثلاً أوجز من غيره في الجملي كما أن المبين في المجاز قد يكون أوجز من غيره، وإن لم يكن مشتركاً.
  وهذه المعارضة صحيحة قويَّة إلا أنه ليس فيها ما يقاوم الأغلبية بيانُ ذلك:
  أن الغرض من ذكر وجوه الترجيح هو أنَّا نحمل على ما يشتمل عليها أولى لكونه مظنَّة الغلبَة والكثرة في الكلام، فعند تحقق انتفاء الغلبة والكثرة لا عبرة بكون الشيء من مظان الغلبة، وعند تحقق الغلبة لا بأس بعدم كونه من المظان، ففي المشترك فقد علم عدم الغلبة، فلا يفيده ما هو من مظانها، وفي المجاز بالعكس.
  وقال (الإمام) يحيى: ترجيح المجاز على الاشتراك أو العكس (يوكل إلى نظر الفقيه) أي المجتهد، فيعمل بما هو الأرجح من حمله على المجاز أو الاشتراك؛ إذ قد يكون في بعض المواضع المجاز أولَى لقوة قرينتة، وفي بعضَها المشترك أولَى لذلك.
  قلت: وليس ببعيد عن الصواب.
  واعلم أن التعارض بين الستة المذكورة يأتي على خمسة عشر وجهاً وضابطه: