فصل: في بيان الأمور التي يحصل بسببها الإخلال بالقطع بمدلول اللفظ
  أن يأخذ كل واحد مع ما بعده، فالاشتراك يعارض الخمسَة الباقية، والنقل يعارض الأربعة الباقية، والمجاز يعارض الثلاثة الباقية، والإضمار يعارض الآثنين الباقيين، والتخصيص يعارض النسخ.
  والسيد | لم يتعرض إلا لتعارض المجاز والاشتراك، وسنتعرض للباقية، فنقول:
  أمَّا النسخ: فلا شك أنه مرجوح مع كل من الخمسة؛ لأنه يبطل وغيره لا يبطل، فهذه خمسة أوجه.
  وأمَّا غيره فنقول: قال في المحصولُ والنهايَة: أمَّا إذا تعارض الاشتراك والنقل فالنقل أولى؛ لأنَّ المنقول مدلوله في الحالتين الإفراد قبل النقل وبعده.
  أمَّا قبل النقل: فلأن مدلوله المنقول عنه وهو المعنَى اللغوي.
  وأمَّا بعده: فالمنقول إليه وهو الشرعي أو العرفي، وإذا كان مدلوله مفرداً فلا يمتنع العمل به، بخلاف المشترك، فإن مدلوله متعدد في الوقت الواحد، فيكون مجملاً لا يعمل به إلا بقرينة عند من لا يحمله على المجموع.
  قلت: ومن يحمله على المجموع كما هو مختار أئمتنا فلا يبعد على أصلهم ترجيح المشترك؛ لأن النقل خلاف الأصل.
  مثاله: الزكاة يحتمل أن يكون مشتركاً بين النما وبين القدر المخرج من النصاب، وأن يكون موضوعاً للنما فقط، ثُمَّ نقل إلى القدر المخرج شرعاً.
  قالوا: فالنَّقل أولاً لما تقدم.
  وأما إذا تعارض الاشتراك والإضمار: فالإضمار أولى من الاشتراك؛ لأن الإجمال الحاصل بسبب الإضمار مختص ببعض الصور، وهي حيث لا يمكن إجراء اللفظ على ظاهره، فحينئذٍ لا بد من قرينَة تعين المراد، وأمَّا إذا أجري على ظاهره فلا يحتاج إلى قرينة، والإجمال الحاصل بسبب الاشتراك عام في كل الصور، فكان الاشتراك إجازة بالفهم، ويأتي على أصلنا ترجيح المشترك.
  ومثاله: قوله تعالى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} فيحتمل أن يكون لفظ القرية مشتركاً بين الأهل والأبنية، وأن يكون حقيقة في الأبنية فقط، ولكن أضمر الأصل.
  قالوا: والإضمار أولى لما ذكر.
  وأمَّا إذا تعارض الاشتراك والتخصيص: فالتخصيص أولى؛ لأن التخصيص خير من المجاز كما سنبينه إنشاء الله تعالى، والمجاز خير من الاشتراك، والخير من الخير خير.