الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في بقاء معنى الأصل في المشتق منه]

صفحة 172 - الجزء 1

  هذا (و) المشتق (قد يطرد) وذلك إذا اعتبر معنى الأصل المشتق بحيث يكون داخلاً في مفهومه، ويكون المشتق اسماً لذات مبهمة من حيث انتساب ذلك المعنى بالصدور عنها أو الوقوع عليها أو فيها أو نحو ذلك، فاطراده (بحسب الوضع اللغوي) وإن منع منه الشرع، كالفاضل لا يطلق على الله مع إثبات الفضل له، وذلك (كاسم الفاعل) كالضارب والقاتل، فإنهما يطلقان على كل من قام به ذلك المعنى المشتقتان منه، (ونحوه) أي من المشتقات كاسم المفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل والزمان والمكان والآلة.

  (و) المشتق (قد يختص) بمعنى أنه لا يطرد، وذلك إذا اعتبر من حيث أنه يرجح تعيين الاسم المشتق من بين الأسماء لهذا المعنى، ولا يدخل في مفهومه، ويكون المشتق اسماً لذات مخصوصة يوجد فيها معنى الأصل، لكن وجوده فيهما لا يكون معتبراً في مفهوم الاسم.

  والحاصل: أنك إذا سَميت شيئاً باسم لوجود معنى فيه، بمعنى أنه يكون هو العلة لصحة الإطلاق فهو مطرد، كالأحمر لمن له الحمرة، وإذا سميته باسمٍ بسبب وجود المعنَى فيه، بمعنى أنه يكون المعنى سبب التسميَّة، والتعيين غير داخل في مفهوم الاسم فهو غير مطرد (كالقارورة) فإنها مشتقة من القرار للزجاجَة المعروفة دون غيرها مما هو مقر للمائعات كالكوز (ونحوها) كالدبران فإنه مختص من بين ما يوصف بالدبور بخمسة أنجم منها نجم زائد في النور، وهي من منازل القمر، والعيوق فإنه مشتق من العوق، ولا يطلق على كلّ ماله عوق بل على نجم أحمر مُضي في طرف المجرة الأيمن يتلوه الثريا لا يتقدمُه كذا في الصحاح، وأنت تعرف أن زيادة قوله: ونحوها غير محتاج إليها مع قوله كالقارورة.

فصل: [في بقاء معنى الأصل في المشتق منه]

  واختلف في اشتراط بقاء معنى الأصل في كون المشتق حقيقة فيما اشتق له، على إطلاقين وتفصيل:

  الإطلاق الأوّل: ما قاله (الجمهور) من العلماء (ويشترط في كون المشتق حقيقة بقاء معناه) أي معنى أصله المشتق منه أو معناه في نفسه أي الضمير له (مطلقاً) سواء كان بقاه ممكناً أولا.