الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في بقاء معنى الأصل في المشتق منه]

صفحة 174 - الجزء 1

  الحال، فهذا لا يستلزم صدق أنَّه ليس بضارب مطلقاً؛ لأن الضارب في الحال أخصَّ من الضارب مطلقاً، ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم.

  احتج النافون لاشتراطه: بإجماع أهل العربية على صحة ضارب أمس، والإطلاق أصله الحقيقة، وعلى أنه اسم فاعل، ولو لم يكن المتصف به فاعلاً حقيقة لما أجمعوا عليه عادة.

  قلنا: لا نسلم كونه حقيقة، بل مجازاً، بدليل إجماعهم على صحة ضارب غداً، وعلى أنه اسم فاعل مع أنه مجاز اتفاقاً.

  قالوا: لو لم يصح إطلاق المشتق حقيقة وقد انقضى المعنى، لم يصح مؤمن لنائم وغافل حقيقة، بل جاز السلب؛ لأنهما غير مباشرين بالإيمان، وأنه باطل بالإجماع على أن المؤمن لا يخرج عن كونه مؤمناً بنومه وغفلته، ويجري عليه أحكام المؤمنين وهو نائم أو غافل.

  قلنا: هو مجاز، بدليل عدم اطراده، وإلا لزم الإتصاف بالمتقابلين حقيقة، فيما إذا صار الكافر مؤمناً، والنائم يقضان، والحلو حامضاً، والعبد حراً، وأمثال ذلك مما لا يحصى، فيلزم أن يكون أكابر الصحابة كفاراً حقيقة لسبق كفرهم.

  فإن قيل: عدم اطراد الكافر في الصحابة لمانع وجوب التعظيم فلا يكون دليل المجاز.

  قلنا: نعم لكن استقراء الجزئيات في أمثال ذلك يفيد الظن بأنه ليس بحقيقة بعد انقضاء المعنى، والظن كاف في ذلك، هذا ولكن كون المؤمن للنائم والغافل مجازٌ بعيد جداً، ولا يبعد الإجماع على بطلانه.

  والتحقيق⁣(⁣١): أن النزاع في حقيقة اسم الفاعل وهو الذي بمعنى الحدوث، لا في مثل المؤمن والكافر والنائم واليقضان والحلو والحامض والعبد والحر، ونحو ذلك مما يعتبر في بعضه الإتصاف به مع عدم طريان المنافي كالمؤمن والكافر، وفي بعضه الإتصاف به بالفعل البتة.


(١) في هامش النسخة الأصلية و (أ): يعني أن النزاع في حقيقة اسم الفاعل بمعنى الحدوث، هل يشترط فيها بقاء المشتق أم لا؟ لا في مثل المؤمن والكافر مما يعتبر في حقيقته الإتصاف بالمشتق منه مع عدم طريان النافي، ولا في مثل النائم واليقضان والحلو والحامض والعبد والحر مما يجب الإتصاف به بالفعل.

وإن كان بمعنى الحدوث فإنهما خارجان عن محل النزاع.

فالأول لا يشترط فيه البقاء، إذ المعتبر هو عدم طريان المنافي، فالمؤمن مؤمن في حال النوم والغفلة لعدم طريان المنافي وهو الكفر. =