الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في المعنى الذي يصح الإشتقاق منه]

صفحة 176 - الجزء 1

  ثم ذكر حجته: بأن العرب جوزت زيد ضارب عمراً أمس أو غداً، كما جوزت ضارب عمراً الآن، فلم يكن أحدهما بأن يكون حقيقة بأولى من الآخر]⁣(⁣١).

فصل: [في المعنى الذي يصح الإشتقاق منه]

  في بيان المعنى الذي يصح اشتقاق لفظ يتضمنه يوصف به ما قام به ذلك المعنى وما لا يصح، وهل إذا صح وجب أولا؟ وهل يصح أن يشتق ويوصف به غير محله أولا؟، فقال:

  (والمعنى القائم بمحله: إن لم يكن له اسم مخصوص كأنواع الروائح) فإنه لا أسماء لها مخصوصة (لم يشتق منه اسم لمحله) بل يكتفى فيها بالتقييد كرائحة كذا، فهذا لا يصح فيه الاشتقاق فضلاً عن الوجوب.

  (واختلف) العلماء (فيما له اسم مخصوص) هل يجب فيه الإشتقاق أو لا؟:

  (فعند أئمتنا والمعتزلة: لا يجب أن يشتق منه اسم لمحله) وهل يصح اشتقاق منه لغير محله، فعند أئمتنا والمعتزلة (ويصح الإشتقاق منه لغيره وهو فاعله كمتكلم) فالله تعالى يوصف بأنه متكلم وإن لم يكن الكلام قائم به، لإيجاده إياه في جسم كالشجرة، ولا يوصف به ذلك المحل، فلا يقال للشجرة إنها متكلمة، (وخالفت الأشعريَّة في الأمرين) فقالوا: إنه يجب أن يشتق منه اسم لمحله، وإنه لا يصح اشتقاق منه لغيره.

  ومحل الخلاف في متكلم في حقه تعالى: هل هو متكلم حقيقة، أو المتكلم الشجرة بكلام أوجده الله فيها؟ ذكره في الحواشي.

  لنا في الموضعين: أن القتل والضرب والجرح قائم بالمقتول والمجروح والمضروب، ثُمَّ إن المضروب لا يسمى قاتلاً، فإذاً محل المشتق منه لم يحصل له اسم الفاعل، وحصل ذلك الاسم لغيره.

  فإن أجيب: بأن الجرح ليس عبارة عن الأمر الحاصل في المجروح، بل عن تأثير قدرة القادر فيه، وذلك التأثير حكم حاصل للفاعل، وكذا القول في القتل.


(١) ما بين القوسين زيادة من هامش النسخة (أ)، وقد صححه في آخرها بصح أصلاً.