الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل [شرح الحروف الصغير]

صفحة 185 - الجزء 1

  وتعرف الابتدائية بأن يحسن في مقابلتها إلى أو ما يفيد فائدتها نحو: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أي ألتجي إليه وأفر إليه، ففي الباء معنى الانتهاء.

  والغايَة هاهنا: المراد بها جميع المسافة وإن كانت قد تطلق بمعنى النهاية؛ إذ لا معنى لابتداء النهاية.

  (والتبعيض) قال نجم الدين⁣(⁣١): وتعرف من التبعيضية بأن يكون هناك شيء ظاهر هو بعض المجرور بمن نحو {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}⁣[التوبة: ١٠٣]، أو مقدر نحو: أخذت الدراهم، أي من الدراهم شيئاً، والتبيين للجنس كقوله تعالى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ}⁣[الحج: ٣٠].

  قال الرازي: والحق عندي أنها للبيتين لوجوهٍ في الجميع، ألا ترى أنها ثبتت في هذه الأمثلة مكان الخروج والمأخوذ منه والمجتنب، فيكون حقيقة في القدر المشترك؛ لأنها إن كانت حقيقة في كل واحد لزم الاشتراك أو في البعض خاصَّة لزم المجاز، فتعين ما قلناه.

  وندفع ما قاله: بأنّ المثبتة ليست ما وقع بها بيان على أي صفة كان على صفةٍ مخصوصَة، بأن يكون قبل من أوْ بعدهَا مبهم، يصلح أن يكون المجرور بها تفسيراً له، ويوقع اسم ذلك المجرور على ذلك المبهم معلاً، يقال للرجس إنه الأوثان، والعشرون إنها الدراهم في قولك: عشرون من الدراهم، وللضمير في قوله عز من قائل إنه القائل، هكذا حققه نجم الدين.

  (و) الخامس: (الباء) وهي (للإلصاق) وهي تعليق الشيء بالشيء واتصاله به، أي إلصاق أمر بمجرورها أو يلامس مجرورها نحو: به داء، أي التصق به، ومررت بزيد إذا التصق مرورك بمكان يلامس زيد.

  (والاستعانة) أي طلب المعونة بالشيء نحو: كتبت بالقلم وبتوفيق الله أحجّ.

  (والمصاحبة) وهي التي بمعنى مع، نحو اشتر الدار بالأنهار.

  (ولا تكون للبعض خلافاً للشافعية) قال الرازي: الباء إذا دخلت على فعلٍ لازم فإنها تكون للإلصاق نحو: كتبت بالقلم ومررت بزيد، وإن دخلت على فعلٍ متعدٍ كقوله تعالى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}⁣[المائدة: ٦]، فيكون للبعض خلافاً للحنفية.


(١) نجم الدين: هو أحمد بن محمد بن مكي بن ياسين القرشي القمولي المخزومي، توفي سنة (٧٢٧)، له شرح على الكافية اسمه (غاية أماني الطالب في شرح كافية ابن الحاجب).