الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في الطريق إلى معرفة اللغة]

صفحة 193 - الجزء 1

  (أو) يكون (النقل) وهو صحيح (وهو) أي النقل كما ستعلم إن شاء الله تعالى متواتر يفيد القطع، وآحاد يفيد الظن، واللغات قسمان: قسم لا يقبل التشكيك مما يعلم وضعه لما يستعمل فيه قطعاً، وقسم يقبله كاللغات الغريبة.

  والطريق تثبت (بالتواتر فيما لا يقبل التشكيك كالأرض والسماء) والحر والبرد (وبالآحاد في غيره) أي في غير الذي لا يقبل التشكيك كقولهم: قال الأصمعي كذا، وقال أبو زيد كذا (ولو) كانت الآحاد (مرسلة) كما مثلنا؛ لوجوب قبول المرسل كما يأتي إنشاء الله تعالى (وثبوت الأحكام العملية بها) أي بالآحاد (عند توقفها) أي الأحكام (عليها) أي الآحاد (كثبوتها) أي الأحكام (بأخبار الآحاد) لا فرق بينهما وسيأتي بعون الله الكلام عليها ومشيئته إنه المعين.

  (وشرط قبولهما) أي الآحاد اللغوية والأخبار الأحاديَّة العمليَّة (واحد) لا فرق بينهما بحال، وهو العدالة والضبط، وفقد استلزام متعلقها الشهرة.

  (وما قدح به الرازي وغيره) من الملاحدة (في هذه القاعدة) التي هي بيان أن النقل طريق إلى اللغات.

  ومعنى قدحه وإن كان قد بلغ فيه كل مبلغ: أن أكثر الألفاظ دوراناً - كلفظ الله تعالى - على الألسن وقع فيه الخلاف أسرياني هو أم عربي؟ مشتق ومما اشتق هل من إلهٍ أو من وله، أو موضوع؟ ولم وضع هل للذات أو لبعض المعاني أو للمفهوم الكلي أو الشخصي؟ فما ظنك بغيره.

  وأيضاً الرواة معدودون كالخليل والأصمعي، ولم يبلغوا عدد التواتر، فلا يحصل القطع بقولهم.

  وأيضاً فإنهم أخذوا من تتبع كلام العرب والغلط عليهم جائز.

  وأيضاً بعض النقلة أو أكثرهم مجروحون.

  وأيضاً رواية الراوي إنما تقبل إذا سلمت عن المعارض، وقد روي الزيادة عن رؤبة وأبيه، والنقصان روى الحكم به عن عمر.

  (فلا يسمع) ذلك القدح، قال العضد: لأن القدح في القسم الأوَّل سفسطة لا تستحق الجواب، والثاني يكفي فيه الظن، وما ذكروه لا يقدح فيه.

  وكما ذكر الرازي القدح ذكر الجواب عنه فقال في المحصول ما لفظه: والجواب اللغة والنحو على قسمين:

  أحدهما: المتداول المشهور، والعلم الضروري حاصل بأنها في الأزمنة الماضية كانت موضوعَة لهذه المعاني، فإنا نجد أنفسنا جازمة بأن لفظ السماء والأرض كانتا مستعملتين في زمان الرسول