الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[معاني الواو]

صفحة 196 - الجزء 1

  فإن فض الختام قبل الفتح بقليل.

  وقوله تعالى {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ٤٣}⁣[آل عمران: ٤٣]، في الثالث.

  وجوابنا: أن ورود استعمالها في الثلاثة دليل على أنها لمطلق الجمع، لأنها تجعلها مع الإستعمال في الثلاثة للقدر المشترك، حذراً من الإشتراك والمجاز، فاستعمالها في كل منها من حيث أنه جمع استعمال حقيقي.

  (ولا) كون متبعها (للترتيب) أي لتأخير ما بعدها عما قبلها في الزمان (خلافاً لأبي طالب) من أئمتنا (والشافعي) من الفقهاء، (والفراء وثعلب) وقطرب والربعي وأبو جعفر الدينوري وأبو عمرو الداني وهشام من النحاة، (وأبي عبيد) من اللغويين، قالوا: إنها تفيد الترتيب لما قدمناه من الدليل والجواب قد سلف أيضاً في شرح الفصل: الصغير.

  وروي (عن الفراء: أنها للترتيب حيث يستحيل الجمع من مفرد) نحو: راكع وساجد، (أو جملة) نحو: اركعوا واسجدوا، لاستحالة مطلق الجمع المشترك بين الثلاثة.

  قلنا: انتفاء صحة إرادة المعية، لا تنافي صحة تقدم السجود على الركوع، ولو سلم فليس الترتيب مستفاداً من ذلك، بل لأن السجود لا يكون إلا بعد الركوع شرعاً.

  (ولا) يكون متبعها (للمعية) كما نقله الجويني في البرهان عن بعض الحنفية، وعزاه الأسنوي إلى الحنفية، وقد ذكرنا قولاً في ذلك آخر آنفاً.

  ودليلهم: أنها للجمع، والأصل فيه المعية، فهي في غيرها مجاز.

  قلنا: جعله للقدر المشترك أولى حذراً من ارتكاب خلاف الأصل.

  قالوا: المجاز وإن كان خلاف الأصل يصار إليه عند قيام الدليل.

  قلنا: مسلم، ولكن أين هو قبل؟.

  (وقد تزاد) والقائل بذلك الكوفيون والأخفش وجماعة، وحمل على ذلك قوله تعالى {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}⁣[الزمر: ٧٣]، بدليل الآية الأخرى، ونص عليه القاسم في كتاب الوقف والتمام، فقال: هو جوازاً إذ الأبواب لم تكن مفتحة من قبل ذلك.