الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[معاني أو وإما]

صفحة 204 - الجزء 1

  (أو تخيير) نحو: اضرب زيداً أو عمراً، ونحو {إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ٨٦}⁣[الكهف: ٨٦].

  (وإذا استعملتا) أي أو وإما (فيما أصله الحظر) نحو: خذ من مالي ثوباً أو ديناراً، أو: إما ثوباً وإما ديناراً (امتنع الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه) فلا يأخذ إلا أحدهما، (لا ما) يحصل بالجمع بين الأمرين فضيلة وشرف مما (أصله الإباحة)، نحو: تعلم إما الفقه وإما النحو، فإنه يجوز فيه الإقتصار على أحد اللفظين ويجوز الجمع بينهما.

  قال ابن أبي شريف: وقد قصر ابن مالك وغيره التخيير على الأول، وسموا الثاني بالإباحة، ومن هنا تعلم أن جواز الجمع بين الأمرين في المثال لم يفهم من إما وأو، بل ليست هذه إلا لأحد الشيئين في كل موضع، وإنما استفيدت الإباحة مما قبلهما وما بعدهما معاً، لأن تعلم العلم خير، وزيادة الخير خير.

  قال نجم الدين: وأما دلالة أو في الإباحة وفي التخيير على أحد الشيئين فهي على السواء، بل معاني الشك والإيهام والتخيير والإباحة جميعاً ليست مما استفيدت من أو وإما ودلت عليه، إذ لا تدل في جميع مواقعها إلا على أحد الشيئين أو الأشياء، وتلك المعاني المذكورة تعرض للكلام لا من قبل أو بل من قبل أشياء أخر، فالشك من قبل جهل المتكلم وعدم قصده إلى التفصيل، والإيهام والإباحة من حيت كون الجمع يحصل به فضيلة، والتخيير من حيث لا يحصل به ذلك، وأما في سائر أقسام الطلب:

  فالإستفهام: نحو أزيد عندك أو عمرو، لا يعرض فيه شيء من المعاني المذكورة.

  وأما التمني: نحو ليت لي فرساً أو حماراً، فالظاهر فيه جواز الجمع، إذ في الأغلب من العادات أن من تمنى أحدهما لا ينكلا حصولهما معاً.

  وأما التحضيض: نحو هلا تتعلم الفقه أو النحو، وهلا تضرب زيداً أو عمراً، فكالأمر في احتمال الإباحة والتخيير بحسب القرينة، انتهى.

  نعم، قال بعضهم: بعد تعداد معاني إما، وهذه المعاني لأو إلا أن إما يثنى الكلام معها من أول الأمر على ما جيء بها لأجله من شك أو غيره، ولذلك وجب تكرارها من غير ندور، وأو يفتح الكلام معها على الجزم ثم يطرأ الشك أو غيره، ولهذا لم يتكرر، وقد يستغنى عن إما الثانية بذكر ما يغني عنها، نحو قوله:

  فإما أن تكون أخي بحق ... فأعرف منك غثي من سميني