الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

نسخ الكتاب المعتمدة

صفحة 26 - الجزء 1

  واسعة، وغفر له مغفرةً جامعة، يجري من الكتب مجرى العذب الفرات من الأجاج، بل عين الحياة من ينابيع الفِجاج، ويلوح بينها كأنه كوكبٌ دريٌّ يوقد للأنام، وبدرٌ مضيٌّ في حنادس الظلام، لم يروا مثله في كتب القدماء، ولم تسمح بمثله أنظار العلماء، بل لا أظن أحداً يحوم حول اقتناص مثلِ هذا المشارد، أو يستقي من مثل تلك المناهل ويرد من تلك الموارد، بحرٌ محيطٌ⁣(⁣١)، بمستصفى كلِّ مزيد وبسيط⁣(⁣٢)، كم جَمَعَ من الجوامع منثوراً⁣(⁣٣)، وفَتَّشَ من مخبَّآتها مستوراً، فيه كفايَة لتقويم قسطاس الأصول وتهذيب أغصانها⁣(⁣٤)، وهو معيار لتحصيل معاني الفروع وتعديل أركانها⁣(⁣٥)، قد حوى الحاوي⁣(⁣٦) وأجرى أنهار فراته فالعطشان بها راوي.

  نعم، قد سلك منهاجاً قويماً في تجريد المطولات، واستولَى على الأمد الأقصى منها مع شريفِ زياداتٍ، فلهذا طار في الأوطان كالأمطارِ، فصار معتمداً في النواحي والأمصار، ونال من الإشتهار مالم تنله إلا شمس النهار.

  هو الشمس إلا أنه في دفاترٍ ... هو البدر لكن في سماء الأفاضل

  وكم رأيت جمعاً من الحذاق هممُهم نحو اقتناص شوارده ممتدةُ الأعناق، شاهدةُ النواظر شاخصةُ الأحداق، شوقاً إلى استخراجِ معانيه والتقاط جواهرها، واقتناء ذخائر كنوزه من حفايرهَا، كم لهم من أفئدة تهوي إليه، وأكباد حراء صاديةٍ هائمةٍ عليه، وفِكَرٍ جاثية خاضعةٍ بين يديه، ورغبات موثقةٍ بأعنة الخيول لديه، معتصمين في استنباط لطائفه بالحواشي والأطراف، قانعين في بحار علومِه عن اللؤلؤ بالأصداف، لا تحُلُّ أيدِي النَظرِ عُقَدَ مُعضَله، ولا تفتح بنانُ


(١) فيه تورية عن كتاب البحر المحيط في علم الأصول، لبدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي الشافعي، المتةفى سنة (٧٩٤) هـ.

(٢) فيه تورية عن كتاب المستصفى في علم الأصول، لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي، المتوفى سنة.

(٣) تورية عن كتاب جمع الجوامع، لتاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي، المتوفى سنة (٧٧١) هـ.

(٤) تورية عن كتاب قسطاس الأصول إلى معاني منهاج الأصول للإمام الناصر الحسن بن الإمام الهادي عزالدين بن الحسن.

(٥) تورية عن كتاب معيار العقول في علم الأصول للسيد العلامة الكبير داوود بن الهادي.

(٦) الحاوي في علم الأصول للإمام يحيى بن حمزة #.