الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[معاني بل]

صفحة 208 - الجزء 1

  وقوله:

  تزال جبال مبرمات أعدها ... لها ما مشى يوماً على حفنة جمل

  وكما قاله الهادي # وغيره في قوله تعالى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} أي لا يطيقونه.

[معاني بل]

  (و) الثامن: (بل) وهي (لنفي الحكم) كالمجيء في: جاءني زيد بل عمرو (عن الأول) وهو زيد (وإثباته) أي الحكم (للثاني) وهو عمرو، (وعدمه) في: ما جاءني زيد بل عمرو، فيفيد في هذا أنك أثبت المجيء لزيد وفيته عن عمرو، وقال في التلويح: ويكون في القرآن، للأخذ في كلام آخر من غير رجوع وإضراب، ومثله ذكر ابن مالك، ووهمه ابن هشام.

  وقال ابن الحاجب في شرح المفصل: إبطال الأول وإثباته للثاني، إن كان في الإثبات من باب الغلط، فلا يقع في القرآن هذا.

  والتحقيق في بل ما ذكره بعض المحققين: من أن بل إما أن يليها مفرد أو جملة، وفي الأول هي لتدارك الغلط، ولا يخلو: أن تكون بعد نفي أو نهي أو بعد إيجاب أو أمر، فإن جاءت بعدهما نحو: قام زيد بل عمرو، فهي لجعل المتبوع في حكم المسكوت عنه منسوباً حكمه إلى التابع، فيكون الإخبار عن قيام زيد غلطاً، يجوز أن يكون قد قام وإن لم يقم، أو سبق لسان.

  وإذا عطفت ببل مفرداً بعد النفي أو النهي فالظاهر أنها أيضاً لجعل الأول في حكم المسكوت عنه وإثبات الحكم للثاني، ففي قولك: ما جاءني زيد بل عمرو، أثبت المجيء لعمرو، بدليل أنه لا يجوز النصب في: ما زيد قائماً بل قاعدٌ، وعند المبرد أنه يفيد نفي الحكم عن التابع، والمتبوع كالمسكوت أو الحكم متحقق الثبوت له، فمعنى ما جاءني زيد بل عمرو، بل ما جاءني عمرو، فعدم مجيء عمرو متحقق، والأول على الإحتمال أو متحقق، وإذا ضمت لا إلى بل بعد الإيجاب أو الأمر نحو: قام زيد لا بل عمرو فهو يفيد عدم مجيء زيد قطعاً.

  قال الرضي: ولا الداخلة بعد النهي أو النفي على بل على الخلاف بين المبرد والجمهور، ولا تجيء بل العاطفة للمفرد بعد الإستفهام، لأنها لتدارك الغلط الحاصل عن الجزم بحصول مضمون الكلام أو طلب تحصيله، والإستفهام لا يجزم فيه بأيهما حتى يقع غلط فيتدارك.