[معاني لكن]
  قال: والأولى أنها تستعمل فيما يستفاد منه معنى الأمر والنهي، كالتحضيض والتعريض، ومفهومه أنها لا تقع بعد الترجي والتمني، ومنع بعضهم مجيئها بعد الأربعة.
  وأما التي تليها الجمل ففائدتها الإنتقال من جملة إلى أخرى، فتجيء بعد الإستفهام أيضاً كقوله تعالى {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ١٦٥ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ١٦٦}[الشعراء].
  وإذا وليها الجمل فقد تكون لتدارك الغلط سواء اشتركت الجملتان في خبر نحو: ضربت زيداً بل أكرمته، أو لا نحو: خرج زيد بل دخل خالد.
  وقد تكون للإنتقال من كلام إلى كلام أهم من الأول، بلا قصد إلى إهدار الأول وجعله في حكم المسكوت عنه، كما يجيء في الكتاب العزيز نحو {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ٦٦}[النمل: ٦٦].
[معاني لكن]
  [٩] (و) التاسع: (لكن) وهي (للإستدراك) أي للتدارك، وفسره المحققون: برفع التوهم الناشئ من الكلام السابق مثل: ما جاءني زيد لكن عمرو، إذا توهم المخاطب عدم مجيء عمرو أيضاً، بناء على أن بينهما مخالطة وملابسة.
  وفي المفتاح: أنه يقال لمن توهم أن زيداً أخاك دون عمرو، فالجملة وصفها للإستدراك ومغايرة ما بعدها لما قبلها، ولا يخفى أن المراد اختلاف الكلامين نفياً وإثباتاً من جهة المعنى سواء كانا مختلفين لفظاً نحو: جاءني زيد لكن عمرو لم يجئ، أو لا نحو: سافر زيد لكن عمرو حاضر.
  (و) كذلك (يلزمها النفي أو النهي عند عطف المفرد) نحو: ما جاءني زيد لكن عمرو، فعدم مجيء زيد باق بحاله لم يقع الحكم به منك غلطاً، وإنما جئت بلكن دفعاً لوهم المخاطب أن عمرواً أيضاً لم يجيء كزيد، فهي في عطف المفرد نقيضه، لا لأنها للإثبات للثاني بعد النفي عن الأول ولا للنفي عن الثاني بعد الإثبات للأول.
  (و) لذلك أيضاً يلزمها (التناقض) أي يكون ما قبلها كلام مناقض لما بعدها (عند عطف الجملة) نحو: ما هذا ساكناً لكنه متحرك، أو التضاد نحو: ما هو أبيض لكنه أسود، واختلف في الخلاف نحو: ما زيد شارباً لكنه قائم، وظاهر إطلاقه يأباه.