[معاني بعض حروف الجر]
  وكأنها ابتدائية، لأن كأن الإغراق صدر من الخطيئة وخرج منه.
  (وللبدل) نحو {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ}[الأعراف: ٣٨]، أي بدلها.
  (والمجاوزة) فهي مرادفة عن، نحو {وَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ}[الزمر: ٢٢]، وذلك إذا قصد بمن مجرد كون المجرور بها موضعاً انفصل: عنه الشيء.
  (وللإنتهاء) قال سيبويه: تقول رأيته من ذلك الموضع، فجعلته غاية لرؤيتك، أي محلاً للإبتداء والإنتهاء، وكذلك أخذته من زيد، وذكر ابن مالك أنها في هذه للمجاوزة.
  (وللإستعلاء) نحو {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ}[الأنبياء: ٧٧]، وقيل على التضمين، أي منعناه منهم بالنصر.
  (وللفصل) - بالمهملة - بأن تدخل على ثاني المتضادين، نحو {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}[البقرة: ٢٢٠]، {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[آل عمران: ١٧٩]، قال ابن مالك: وفيه نظر، لأن الفصل: مستفاد من العامل، فإن ماز وميّز بمعنى فصل، والعلم صفة توجب التمييز، والظاهر أن من في الآيتين للإبتداء، أو بمعنى عن.
  (ولموافقة الباء) نحو {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}[الشورى: ٤٥]، أي بطرف خفي.
  (و) موافقة (في) نحو {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ}[الجمعة: ٩].
  (و) إذا عرفت أن من قد تزاد، فهي (تزاد: إما لتنصيص العموم) أي تصيره نصاً لا يحتمل احتمالاً مرجوحاً الخصوص، وهي الزائدة في نحو: ما جاءني من رجل، فإنه قبل دخولها يحتمل نفي الجنس ونفي الوحدة، ولهذا تقول بل رجلان، ويمتنع ذلك بعد دخول من، وكذا إذا كانت من مقدرة نحو: لا رجل في الدار، فإنها تصير العموم نصاً، وإليه أشار صاحب الكشاف حيث قال: إن قرآة الفتح في قوله لا ريب توجب الإستغراق، وقرآة الرفع تجوزه.
  (أو) تكون (لمجرد التوكيد) وهي الزائدة في نحو: ما جاءني من أحد أو من ديار، فإن أحداً ودياراً صفتا عموم، وإفادتها للتنصيص والتأكيد إنما يكون (بعد نفي أو شبهه)، كما تقدم، وأنت خبير أن الأنسب ذكر هذا عقيب قوله وزائدة، اللهم إلا أن يكون مراده بيان كونها زائدة هنالك مطلقاً، فإنها قد تزاد لمجرد تحسين اللفظ وإقامة الشعر وغير ذلك.
  (و) الثاني من حروف الجر: (الباء، وهي) تكون:
  (للإلصاق والإستعانة) وقد مر شرحهما.