فصل [شرح الحروف الكبير]
  (و) الثامن: (رُبَّ) وفيها لغات بينت في النحو (وهي عند جمهور البصريين والكوفيين) موضوعة (للتقليل) لكثرة ورودها فيه، كقوله:
  ألا رب مولود وليس له أب ... وذي ولد لم يلده أبوان
  وقول أبي طالب:
  وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل
  (وعند صاحب العين) وهو الخليل (وابن درستويه وغيرهما) كابن مالك (للتكثير) لكثرة ورودها فيه، كقوله ÷ «يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة»، وقال الشاعر:
  فيا رب يوم قد لهوت وليلة ... بإنسية كأنها خطة تمثال
  وقال:
  ربما أوفيت من علم ... ... البيت
  وقال صاحب المغني: ليس معناه التقليل دائماً خلافاً للأكثرين، ولا التكثير دائماً خلافاً لابن درستويه، بل ترد للتكثير كثيراً وللتقليل قليلاً، لاستعمالها فيهما.
  (وقيل لهما) والقائل بذلك صاحب الجمع وغيره.
  (وقيل): بل هي (حرف إثبات) لما نفي قبلها، إما لفظاً أو تقديراً، لأنها جواب لكلام إما ملفوظاً أو مقدراً، فهي الأصل موضوعة لجواب فعل ماض منفي، فلهذا لا يجوز: رب رجل كريم أضرب، بل ضربت، وإذا كانت كذلك فهي (لم توضع لهما) أي التكثير والتقليل، (وإنما يفهمان من السياق) المتقدم قبلها أو المتأخر عنها، وهذا القول (اختاره أبو حيان).
  ووجهه بعد تقرر أنها لإثبات ما نفي بعدها: أنه ليس في لفظها ما يدل على أحد الأمرين، وأن العرب تارة تستعمله لهذا، وتارة لهذا، باعتبار اختلاف مقاصدهم وأغراضهم، فتبين أن التكثير والتقليل خارجيان.
  (و) التاسع والعاشر والحادي عشر: (الباء والتاء والواو) إذا كانت (للقسم).
  أما الباء: فهي أصل حروف القسم، فتأتي مع وجود الفعل نحو: أقسم بالله، ومع السؤال نحو: بالله أخبرني، ومع المضمر نحو: بك وبه، وذلك لأن أصلها الإلصاق، فهي تلصق فعل المقسم بالمقسم به.