الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[معاني ألفاظ البسملة]

صفحة 28 - الجزء 1

  وأمَّا السمع: فمن أدلَّةٍ ثلاثة: الكتاب، والسنَّة، والإجماع.

  أمَّا الكتاب: فقوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ١} فذكرَ اسمَه تعالَى في أمِّ القرآنِ وابتدَأ به؛ ليدلَّ ذلك على الإهتمامِ به.

  وأمَّا السنَّة: فما روي عن عائشة أنه أُتي إليها بقميصٍ مخيطٍ، فقالت: هل ذكر عليه اسم الله؟ فقيل: لا، قالت: ردُّوه فافتقوه، ثُمَّ سموا وخيطُوه، فإني سمعت رسول الله ÷ يقولُ: «كلُّ أَمْرٍ ذي بالٍ لم يذكر عليه اسم الله فهو أجذم» وقيل: «أبتر»، وقيل: «أقطع»، وقيل: «خداج»، والمعنى بذلك منزوع البركة.

  (وقوله: وقيل أبتر ... الخ) يحتمل وجهين:

  أحدهما: أن عائشة شكَّت في أحد هذه، أو أن الشكَّ من الرواة.

  وقال القاضي عبد الله: والأقرب أنَّه من الرواة عَنها.

  وأمَّا الإجماعُ: فلا خلافَ بينَ العلماء أن من ألَّف باباً، أو صنَّف كتاباً، أو قام خطيباً ولم يذكر التسميّة عليه في أوَّلِ الأمر فهو مُعْتَرَضٌ، مالم يكن حال غضَب، وللكاتب على المكتوبُ إليه سطوة، كسورة براءة، فإنَّها نزلَت على المشركين بوعد ووعيد وزجرٍ وتهديد، وقد قيل: إنها آخر سورة الأنفال.

  وروي أن علياً # كان يكاتب معاوية بكتب محذوفة التسمية، وفيه يقول الشاعر:

  يدل على وَجْدِ الهمامِ كتابُه ... وتخليفُه في الصدر عمن يكاتبُه

  والمراد بقوله: بسم الله، أي أبدأ⁣(⁣١) ونحوه⁣(⁣٢)، ويُقدَّرُ مؤخراً كما حرروه، لإفادة الحصر والتبرك، فحذف لدلالة الحال.

  واسم (الله) - جلَّ -: مفخمٌ ما لم يكن قبله مكسوراً، خاص لله تعالى لم يشاركه فيه أحدٌ.


(١) وذكروا أن الأولى أن يكون المتعلق مقدراً من جنس العمل لتعم البركة، وورد على ذلك قوله ÷ «باسمك اللهم وضعت جنبي ... إلخ»، فالمناسب هنا: أصنف أو نحوه، ويمكن أن يكون مراداً للمؤلف بقوله أو نحوه، والله أعلم. تمت. من خط مولانا الإمام الحجة مجمد الدين المؤيدي رحمة الله عليه.

(٢) وقد أورد على تقدير تأخيره قوله ø {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١}، وأجيب عنه بأوجه، أوجهها: أن المقام اقتضى ذلك للإهتمام بالقرآءة والله أعلم. تمت من خط مولانا الإمام الحجة مجد الدين المؤيدي #، كما أفاد في آخرها حيث قال: تمت كاتبها مجدالدين بن محمد المؤيدي عفا الله عنهما.