فصل [شرح الحروف الكبير]
  قال سعد الدين: وجوابه: أنا لانسلم عن تمييزه عن تعريف العهد على هذا التقرير، لأن النظر في المعهود إلى فرد معين أو اثنين أو جماعة، بخلاف الحقيقة فإن النظر فيها إلى نفس الماهية والمفهوم باعتبار كونها حاضرة في الذهن، وهذا المعنى غير معتبر في اسم الجنس النكرة، وعدم اعتبار الشيء ليس باعتبار لعدمه، انتهى.
  واختار المحقق الشريف عدم الفرق بينهما، ومال إلى ما ذهب إليه صاحب المفتاح من عدم الفرق بين الحقيقة والعهد وجعل العهد بمعنى اللام مطلقاً.
  قال السكاكي في ذلك: إذا كان تعريف الجنس عبارة عن حضور الماهية في الذهن وتعريف العهد عن حضور فرد معين أو أفراد معينة منها لم يكن اختلاف فيما هو في معنى التعريفين حقيقة - أعني الحضور في الذهن -، وأما أن الحاضر في أحدهما الماهية وفي الآخر الفرد أو الأفراد فهو اختلاف راجع إلى مفروض التعريف - أعني الحاضر - لا إليه نفسه، فلو سمى الحضور في أحدهما تعريف عهد وفي الآخر تعريف جنس، كان مجرد اصطلاح ولا كلام فيه، وإنما الكلام في تحقيق معنى التعريف الجنسي وبيان أن حقيقته ما هي.
  هذا وقد قيل إن النحاة ما ادعوا الفرق بينهما إلا بحسب الإضافة، حيث قسموا التعريف إلى تعريف الجنس وتعريف العهد، وبينوا الحصر فيهما بأن المشار إليه إن كان هو الحصة فتعريف العهد، وإن كان الحقيقة فتعريف الحقيقة.
  ثم لام قسموا الحقيقة إلى: لام العهد الذهني باعتبار عهديته في الذهن، لمطابقة الواحد الحقيقة، بأن يطلق المعرف بلام الحقيقة الذي هو موضوع للحقيقة المتحدة في الذهن على فرد موجود من الحقيقة باعتبار كونه معهوداً في الذهن، وجزئياً من جزئيات تلك الحقيقة مطابقاً إياها وذلك عند قيام القرينة على أن نفس القصد إلى نفس الحقيقة من حيث هي هي، بل من حيث الوجود، ولا من حيث وجودها في ضمن جميع الأفراد بل بعضها، وإلى لام الإستغراق لأن اللفظ إنما دل على الحقيقة باعتبار وجودها في الخارج، فإما أن يكون لجميع الأفراد أو لبعضها إذ لا واسطة بينهما في الخارج، فإذا لم تكن للبعضية لعدم دليلها وجب أن تكون للجميع، فاعتراض المحقق ليس بالقوي.
  ثم إن اصطلاح المؤلف في اللام هو حاصل صاحب المطول بعد استكمال الأقسام، وفيه جعل أقسام اللام أربعة وفي التحقيق أنها اثنان كما عرفت.