فصل: [في معنى الواجب وأقسامه]
  بقسم من ذلك المعنى ويجعلونه اسماً له، أخذاً للفرض من فرض الشيء بمعنى جزأه أي قطع بعضه، والواجب من السقوط وما يثبت بظني ساقط من قسم المعلوم ومأخذنا أكثر استعمالاً.
  بلى قولهم، كما قال الرازي: تحكم محض، إذ الفرض هو المقدر مطلقاً أعم من أن يكون مقدراً علماً أو ظناً، وكذا الواجب هو الساقط أعم من أن يكون ساقطاً علماً أو ظناً، وقد توهم أن من جعلهما مترادفين جعل خبر الواحد الظني بل القياس المبني عليه في مرتبة الكتاب القطعي، حيث جعل مدلولهما واحداً وهو غلط ظاهر.
  واعلم أن للواجب تقسيمات بحسب نفسه، وبحسب فاعله، وبحسب وقته، فشرع في بيانها فقال:
  (ينقسم الواجب بحسب نفسه إلى ضروري) عقلي: كوجوب قضاء الدين ورد الوديعة وشكر المنعم على الجملة، وشرعي: كوجوب الصلاة والزكاة والحج والصوم ونحو ذلك من أصول الشرائع، ومعنى كون هذه ضروريّة أنا نعلم من دين النبي ÷ وُجوبَها ضرورة.
  (و) إلى (استدلالي) عقلي: كالمعارف الإلهية وشكر المنعم المعلومَة نعمته دلالة، وشرعي: كفروض الصلاة والوضوء أو المقدار الواجب في الوضوء، أو المقدار الواجب في الزكاة، وأعمال الحج.
  وينقسم أيضاً بحسب نفسه إلى (معين) عقلي: كشكر المنعم وقضاء الدين ورد الوديعة ونحو ذلك، وشرعي: كالصلاة والزكاة والحج ونحو ذلك.
  وإلى (مخير) عقلي: كما إذا كان بالمكلف علة وغلب على ظنه أن يندفع بالحجامة أو شرب الدواء، فإنه يجب عليه فعلها وجوباً مجبراً، وشرعي كما سيأتي إنشاء الله تعالى.
  (و) ينقسم الواجب (بحسب فاعله: إلى فرض عين) وهو ما يعم جميع المكلفين، أو يكون من خصائص الرسول ÷ كالأضحية وغيرها، عقلي: كشكر المنعم وقضاء الدين ومعرفة الله ونحو ذلك، وشرعي: كالصلاة والحج وغير ذلك.
  (و) إلى (كفاية) عقلي: نحو رد الوديعة المودعة عند جماعة، فإنه إذا ردها الواحد منهم سقط الذم عن الباقين ونحو ذلك، وشرعي: كما نثبته إنشاء الله تعالى.
  (و) ينقسم (بحسب وقته إلى مضيق وموسع وأداء وقضاء وإعادة، فالمعين ظاهر، والمخير كالكفارات الثلاث ويأتي بيانها إنشاء الله تعالى في الأمر).