الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في معنى الواجب وأقسامه]

صفحة 239 - الجزء 1

  في الحواشي: قال أصحابنا: إذا اجتمعت واجبات قدم فرض العين ثُمَّ الكفاية فيلزم من هذا أن فرض العين أفضل (خلافاً للاسفرائيني) أبي إسحاق، (والجويني)، وأبيه الشيخ محمد، فقالوا: إن فرض الكفاية أفضل.

  لنا: شدة اعتناء الشارع به لقصده لحصوله من كل مكلف.

  قالوا: القائم بفرض الكفاية يصون بذلك جميع المكلفين، ويخلصهم عن عهدة الإثم المركب على تركهم له، وفرض العين إنما يصان بالقيام به عن الاثم والقائم به فقط.

  قلت: وهذا لا يعارض ما قدمنا من عناية الشارع به.

  وقال بعضهم: للقائم بفرض الكفاية مزية على القائم بفرض العين.

  قال في الحواشي ما معناه: ولفظ الجويني في العباب⁣(⁣١): والقيام بفرض الكفاية أفضل، ولذا اعترض الدركني والردماني على من نقل عن الجويني أن فرض الكفاية أفضل، فصوابه أن يقال: إن القيام به أفضل؛ لأنه أفضل في نفسه.

  قال الشريف السمهودي: وفي قول النواوي من حيث أن فاعله يسد مسد الأمة ويسقط الحرج عنهم، وليس كذلك فرض العين، يرشد إلى ذلك؛ لأن أفضلية القيام به يفضل من حيث تلك العلة.

  (وهو) أي فرض الكفاية (من فاعله بعد فعل من يسقط) فرض الكفايَة (بفعله نفلٌ) لعدم العقاب على تركه وهو مخالف لما حكاه ض عبد الله في الشريدة من أنه ضربان:

  أحدهما: يكره فعله حيث يكون البعض من المكلفين قد قام به كصلاة الجنازة.

  والثاني: مستحب كالجهاد والأذان.

  (وقيل: فرض) حكى ذلك عن النووي ولا أعرف له دليل.

  (ويأثم الكل) من أهل التكليف (بالإخلال به إن عرفوه) أي الإخلال به (معاً) أي عرفوا أنه لم يقم به أحد، ومعناه: أنهم عرفوا كلهم أنه لم يقم به أحد، أو عرفوا سبب فرض الكفاية كالجناة مثلاً، وعود الضمير إلى ما يقضي به السياق شائع، وعلى الأوَّل يكفي في ذلك غلبة الظن لقوله: (وإلا) يعرفوه معاً بل غَلبَ على ظن بعضهم أنه لم يعرفه أحد (فمن عرفه) يأثم دون الآخر، فإن لم يعرف أحدهم بل شك فالظاهر أنه يأثم بالتركِ.


(١) لم أقف على كتاب للجويني بهذا الاسم.