فصل: يتضمن الخلاف في مقدمة الواجب هل تجب بوجوبه أولا؟
  ولما كان من العبادات ما يتصف بالأداء والقضاء كالصلوات الخمس والصوم، وما يتصف بالقضاء فقط كصلاة الحائض ونحوها وصومها، ومنها ما يتصف بالأداء فقط كالجمعة، نبه المصنف على ما يُقضى من العبادات، وعلى اشتراط دليل جديد، وأشار إلى أن دليل الأداء لا يكفي، فقال: (وإنما تقضى عبادة مؤقتة لم تقع في وقتها) المضروب لها أولاً، (أو وقعت فيه لكن) وقعت (مع خلل فيها، و) لا بد مع الخلل من أن يكون (ورد الدليل بقضائها) وذلك (كالصلاة والصوم) فإن الدليل ورد بقضائهما.
  أما الصلاة: فقوله ÷ «من نام عن صلاته أو نسيها فوقتها حيث ذكرها»، فهذا وارد في الساهي، وقِيس عليه العامد بجامع التلافي للمصلحة والتدارك، وضعف ذلك الإمام شرف الدين إذ ربما لا يقبل التدارك لعظم أمره، كما ذكره أهل المذهب في اليمين الغموس وكفارة القتل العمد، وهذا هو الذي ينبغي أن يعتمد عليه وهو الحق والله أعلم.
  وأمَّا الصوم: فقوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: ١٨٤]، وقيس غيرهما بالأولى، بخلاف صلاة الجمعة فإنه لم يرد دليل بوجوب قضائها.
  [قوله (ورد الدليل بقضائها) عائد إلى الطرفين، أعني ما لم تقع في وقتها، أو قعت فيه لكن مع خلل، فلا ينبغي أن يقتصر على الثاني، والله أعلم](١).
فصل: يتضمن الخلاف في مقدمة الواجب هل تجب بوجوبه أولا؟
  (و) المختار أن (ما لا يتم الواجب) فعلاً أو تركاً (إلا به)، وهو ما يتوقف عليه وجوده عقلاً أو شرعاً أو عادة (إن لم يكن مقدوراً) أي لا يكون في وسعه كحصول العدد في الجمعة وحضور الإمام، وكتحصيل القدم في القيام، (لم يجب) على المكلف تحصيله تبعاً لإيجاب القيام في الصلاة مثلاً؛ إذ الوجوب موقوف على القدرة من المكلف، ومع عدمها لا وجوب للقيام مثلاً أصلاً حتَّى يتبعه وجوب تحصيل القدم (إلا عند من يجوز تكليف ما لا يطاق) وهم بعض الأشعريَّة.
  (وإن كان مقدوراً) فلا يخلو إمَّا أن يقيد الوجوب به لفظاً أو يطلق:
(١) ما بين القوسين زيادة من هامش النسخة (أ).