الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: يتضمن الخلاف في مقدمة الواجب هل تجب بوجوبه أولا؟

صفحة 245 - الجزء 1

  قلنا: قال سعد الدين: لا خفاء في أن النزاع في أن الأمر بالشيء هل يكون أمراً بشرطه وإيجاباً له، وإلا فوجوب الشرط الشرعي للواجب معلوم قطعاً؛ إذ لا معنى لشرطيته سوى حكم الشارع أنه يجب الإتيان به عند الإتيان بذلك الواجب كالوضوء للصلاة، كما أن الشرط العقلي معلوم أنه لازم قطعاً، فعلى هذا لا نسلم أن الإتيان بالمشروط دون الشرط إتيان بجميع ما أمر به، وإنما يصح لو لم يكن الشرط مأموراً به بأمر آخر.

  وإن أراد الأمر المتعلق بأصل الواجب، فلا نسلم أنه إذا أتى بجميع ما أمر به يجب صحته، وإنما يجب لو لم يكن له شرط أوجبه الشارع بأمرٍ آخر.

  قال مولانا الإمام عز الدين #: ولصاحب التفصيل أن يجيب على هذا الطرف بأنا فرضنا الكلام على تقدير انتفاء الأمر بالشرط، والأمر بما يتوقف المأمور به عليه عقلاً، وذهبنا إلى التفصيل حيث ليس به إلاَّ مجرد حكم العقل بالتوقف، ومجرد إخبار الشرع بالتوقف من غير إلزام بفعل الشرط، وفرقنا بين مجرد حكم العقل ومجرد حكم الشرع بالتوقف، وأما مع الأمر بالشرط فذلك أمر آخر وواجب مستقل، وليس ما قصدناه.

  وقال المرتضى (الموسوي⁣(⁣١) والرازي: بل) تجب (العلة) كالنار للإحراق (دون غيرها) من الشروط محتجين على عدم وجوب غير العلة لما تقدم من دليل المانع مطلقاً.

  وأمَّا وجوب العلة: فلأن العلة أشد ارتباطاً بمعلولها من الشرط بالمشروط، فإن الشرط كالوضوء لا يجبُ حصول مشروطه كالصلاة عند حصوله.


(١) الموسوي هو علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب $ , أبو القاسم، الملقب بالشريف المرتضى، كانت ولادته (٣٥٣ هـ) وكان عالماً متكلماً فقيهاً متقدماً في فقه الامامية، وكان فصيحاً أديباً لغوياً شاعراً، وكان إمامياً ناصراً لأقوال الامامية معدوداً في رجالهم، تولى النقابة وديوان المظالم بعد أخيه الشريف الرضي جامع نهج البلاغة رحمة الله عليه، وكانت مدة ولايته ثلاثين سنة وأشهراً، واشتملت خزائنه على مأتي ألف كتاب، وله مؤلفات كثيرة في الفقه والآداب والكلام من أشهرها كتاب أمالي المرتضى وكتاب الرد على مغني عبدالجبار وغيرها، وتوفي في شهر ربيع سنة (٤٣٦) هـ.