الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في استحالة كون الشيء واجبا وحراما من جهة واحدة]

صفحة 248 - الجزء 1

  قال الشيخ لطف الله: والملجئ له إلى ذلك التوفيق بين الأدلة.

  وقال الرازي في المحصول: لأنا بينا بالدليل امتناع ورود الأمر بها، والسلف أجمعوا على ترك أمر الظلمة بإعادة الصلاة التي صلوها في الأمكنة المغصوبة، وحالُ مطالبتهم برد المظالم، فكشف لنا الدليل القاطع على أنها لا تصح، وإجماع السلف على ترك أمرهم بالإعادة عن كونهم بعد فعلها غير مطالبين بها.

  قلنا: إنما لو لم يأمروهم بقضائها للاختلاف الواقع فيها هل هي صحيحة أولا، فمن السلف من حكم بصحتها فلم ينكر، ومنهم من لا، ولكن بناء على التصويب للمجتهدين.

  سلمنا، فإنما لم يأمروهم بقضائها للاختلاف في الصلاة حتَّى تقضى أولا؛ إذ الحديث لم يرد إلا في الساهي والنائم، (ودعوى الغزالي الإجماع على صحتها) أي الصلاة في الدار المغصوبة (باطلة) وإذا امتنع الإجماع لا يتأتى تصحيحه بوجهٍ، ثُمَّ نسبة أهل البيت المطهرين، وإمام من أئمة المسلمين إلى أنهم خالفوا الإجماع وماتوا ميتة جاهلية إفك وتبديع بناء على مجرد وهم، ثم إن أحمد بن حنبل ما أنكر أحد فضله في النقليات، فكيف تواتر قضية الإجماع في خراسان على قرب خمسمائة سنة إلى متوسط في النقل أو ضعيف، ولم يصل على قرب المائتين إلى أشد الناس بحثاً في النقليات، والمخالطة لجملة لاينافي مواطنهم، ثُمَّ لا كل من يدعي إجماعاً تقبل دعواه، ثُمَّ إن أهل البيت مجمعون على عدم صحتها، وإجماعهم حجة عند من أنصف، ولكن ليس ببدع من اشتدت عداوته لأهل البيت أن يجحد أقوالهم فضلاً عن أن يثبت إجماعهم.

  (وفي كونها) أي هذه المسألة (قطعية أو ظنية خلاف) فعند المتكلمين أنها قطعية؛ لأن دليلها عقلي أو إجماع، والعقلي دليل المانعين، والإجماع دليل المجيزين.

  وقال أبو طالب والإمام: بل ظنية لعدم ظهور التخطئة بينهم.

  قال الإمام عز الدين بن الحسن #: إنها اجتهادية؛ لأنه لا مجال للعقل فيها وليس ثَمَّ دليل قطعي على الصحة وعدمها.

  قلت: وهو الحق وهذا الذي إذا أمكن الامتثال بدون وحدة المتعلق، وإنما الحد باختيار المكلف، وأما إذا لم يكن الامتثال إلا بوحدة المتعلق فقد ذكر حكمه بقوله (وأما من خرج من)