الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في المندوب]

صفحة 251 - الجزء 1

فصل: [في المندوب]

  (والمندوب) لغة: المدعو، مأخوذ من الندب وهو الدعاء قال:

  لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا

  فسمي النفل بذلك لدعاء الشرع إليه، وأصله المندوب إليه، ثُمَّ توسع فيه بحذف حرف الجر، فأسكن الضمير.

  وفي الاصطلاح (ما) أي الفعل الذي (يستحق) المكلف به (المدح على فعله) فالفعل جنس.

  وقوله (يستحق المدح) خرج المباح، فإنه لا مدح فيه ولا ذم.

  وقوله (على فعله) خرج الحرام والمكروه فإنه يمدح تاركهما.

  وقوله: (ولا يستحق الذم على تركه) خرج به الواجب، فإن تاركه يذم.

  فإن قيل: فرض الكفاية يستحق فاعله المدح ولا يستحق تاركه الذم مع أنه فرضٌ، ومع هذا احتجنا إلى إدخالِه في حد الواجِب، فكان ينبغي أن يقول مطلقاً، وكذلك خصال الكفارة.

  قلنا: قوله: (ولا يستحق الذم على تركه) كافٍ؛ لأنه للعموم لكونه نكرة في سياق النفي؛ إذ الأفعال كلها نكرات على ما نختاره.

  نعم، ولا يدخل في الحد فعل الله تعالى مع أنه ليس مندوباً؛ إذ يحمل الفعل على فعل المكلَّف، ولكنه معيب في الحد، قال الشيخ لطف الله: والمراد به لا يستحق الذم على تركه من حقيقته تركه فلا ينافيه استحقاقه الذم.

  قال: (بعض الشافعيَّة: و) المندوب (يرادفه التطوع، والسنة، والمستحب، والمرغب فيه، والنفل، والحسن) ذكر في جمع الجوامع التطوع والسنَّة والمستحب ولم يذكر النفل والمرغب فيه والحسن.

  وقال (أئمتنا وغيرهم)، كالقاضي حسين⁣(⁣١)، رواه شارح جمع الجوامع⁣(⁣٢)، والخوارزمي⁣(⁣٣)، والبغوي⁣(⁣٤)، (والمسنون) غير مرادف للمندوبُ والمستحب، بل هو (ما أمر به للنبي ÷ ندباً


(١) القاضي حسين بن محمد بن أحمد المروروذي الخراساني، من فقهاء الشافعية، من كبار أصحاب القفال، كان غواصاً في الدقائق، وهو شيخ الجويني، له التعليقة في الفقه.

(٢) هو الحافظ ولي الدين أبو زرعة، أحمد بن عبد الرحيم العراقي، توفي سنة (٨٢٦) هـ، وكتابه اسمه (الغيث الهامع شرح جمع الجوامع) انظر صـ (٤١).

(٣) هو محمود بن عمرو الزمخشري، يقال له الخوارزمي، ويقال له الزمخشري.

(٤) البغوي: هو عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، أبو القاسم، عالم محدث ثقة مؤرخ مفسر، ولد ومات ببغداد، سمع أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، له معجم الصحابة، توفي في سنة (٣١٧) هـ.