الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في الحكم الوضعي]

صفحة 260 - الجزء 1

  (ويرادفه) أي المحظور (القبيح والحرام) والدليل على الترادف أن لا قبيح ولا حرام إلا وهو يستحق الذم على فعله والمدح على تركه، وقد يقال: المعلوم إن قبل وجود الشرع قبيح عقلي، وهو ليس بمحظور.

  (و) اعلم أن المحظور (ينقسم إلى كبير) أي مقطوع بأنه كبير: وهو ما ورد الوعيد عليه بعينه، ومعاصي الكفار والفساق، وسيأتي تحقيق الخلاف فيه إنشاء الله تعالى.

  (و) إلى (صغير) أي مقطوع بأنه صغير، كسرقة حبة، وكخطايا الأنبياء فإنها صغائر لا غير.

  (ومُلتبس) بين الكبير والصغير وهو ما عدا ما قدمنا، وليس قسماً برأسه؛ لأنه من أحد القسمين، وإنما التناسب بحسب الظاهر، فيجوز فيه كونه كبيراً أو كونَه صغيراً أو كون الذنب كبيراً أو صغيراً بحسب قلة الثواب وكثرتهما، ونحن لا نعلم مقاديرهما، والحكمة في عدم تعيينه ما في ذلك لو كان الإغراء، وإرادة اجتناب الذنوب جميعاً.

  والدليل على أن في المعاصي كبيراً وصغيراً: قوله تعالى {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ}⁣[لنجم: ٣٢]، وقوله تعالى {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ}⁣[الحجرات: ٧]، والمعطوف يقتضي المغايرة، ولتوسيع الدائرة في هذا المقام موضع معروف.

فصل: [في الحكم الوضعي]

  (والثاني) من قسمي خطاب الشرع وهو الوضعي (الخطاب المعرف للسبب) أي الحكم من الله تعالى على الوصف بالسببية للحكم (والشرط) أي الحكم بكونه شرطاً للحكم (والمانع) أي الحكم على الوصف بكونه مانعاً للحكم (ولا يكون) خطاب الوضع (بالاقتضاء) وهو الوجوبُ والندبُ والحظر والكراهَة والتحريم (أو التخيير) وهو الإباحة، بل بالحكم على الشيء باقتضائه ثبوت أحد الأحكام الخمسة أو نفيه، وقوله: ولا يكون ... الخ ليس من تتمة الحد، بل هو بيان حكم من أحكام الخطاب الوضعي، ومقصوده الإشارة إلى أن خطاب الوضع ليس من خطاب التكليف كما قيل، والتخيير أعم من التصريحي والضمني.

  والوضعي من قبيل الضمني، أو معنى يسببه الدلوك وجوب الصلاة، ومعنى شرطيَّة الطهارة وجوبها في الصلاة أو حرمة الصلاة بدونها، ومعنى مانعيّة الأبوة حرمة القصاص معها، وكذلك سائر الشروط والأسباب والموانع لما في ذلك التكليف، وفي الحواشي فقوله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}