الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في الحكم الوضعي]

صفحة 261 - الجزء 1

  (النور: ٢)، وقوله {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}⁣[الاسراء: ٧٨]، معرف لمقتضى الجلد والصلاة، وقوله {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا}⁣[النور: ٢]، وقوله {أَقِمِ الصَّلَاةَ}⁣[الاسراء: ٧٨]، خطاب تكليف لا وضع.

  (وفائدته) أي فائدة الخطاب المعرف للسبب ... الخ (سهولة معرفة ما كلفنا به من فعل) كالصلاة بعد الزوال (أو ترك) كالصلاة في الأوقات المكروهة، (بنصب المعرِّف) وهو الخطاب من الحكيم (علامة لذلك) الحكم (في كل واقعة بعد انقطاع الوحي لئلا تخلوا أكثر الوقائع من الأحكام) سواء كان السبب مما لم يتكرر الحكم بتكرره كالاستطاعة في الحج أو نحوها، أو يتكرر الزوال، (مع ما فيه) أي الخطاب المعرف لأحد هذه (من حكمة الإختصار) بنصب العلاقة؛ إذ لو لم ينصبهما لاحتيج في كل حادثة إلى خطاب جديد، وأدى إلى عدم الإختصار، (واعترض بعض المتأخرين القدماء في تسميتهم ما عرَّف بخطاب الوضع حكماً وقال: إنما هو علامة الحكم) فالزوال مثلاً علامة لوجوب الصلاة وهو الحكم، والدين علامة على سقوط الزكاة، والنجاسة علامة على بطلان الصلاة، ونحو ذلك، (ولا يسمى حكماً، وهو) أي الاعتراض (فاسد؛ لأن نصب الشارع له) أي لما عرف بخطاب الشرع (علامة للحكم) الثابت بخطاب التكليف (حكم شرعي، فكما أن وجوب الحد حكم) بلا نزاع؛ لأنه مستفاد من الشرع (فنصب الزنا علة له) أي للحد (حكم شرعي أيضاً) لأنه مستفاد من الشرع أيضاً.

  (فكل واقعة عرف حكمها بعلامتها) أي تلك الواقعة (لا بدليل آخر) غير العلامة (فلله تعالى فيها حكمان: الحكم المعرف) بها أي الدعوى عرَّفته (والحكم عليها بكونها معرفة له) فلله تعالى في الزاني حكمان: وجوبُ الجلد وسببية الزنا للجلد، وفي الوضوء حكمان: صحة الصلاة وشرطيَّة الوضوء، وفي الدين حكمان: منع الزكاة ومانعيَّة الدين، فتسمية أحدهما حكماً دون الآخر تحكم.

  (ويشترط في) الخطاب (التكليفي ما لا يشترط في الخطاب الوضعي، كالتكليف) أي البلوغ والعقل (وعلم المكلف) لأنه يمتنع من الله تعالى أن يكلف زائل العقل أو الساهي فيأمرهما الله تعالى بالصلاة حال السهو وزوال العقل، (ومن ثَمَّ) أي من جهة أن التكليف وعلم المكلف شرطان في الخطاب التكليفي لا في الخطاب الوضعي (وجب الضمان على غير المكلَّف) كالصبي؛ إذ الموجب له الإتلاف وهو ثابت بخطاب الوضع، أي المعرف للسبب، (ووقع) أيضاً (طلاق السكران) وإن كان لا يعلم؛ لأن وقوعه ثابت بخطاب الوضع.