الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في كيفية انقسام خطاب الوضع إلى الثلاثة]

صفحة 263 - الجزء 1

  وفي الشرع يطلق على العبادات تارة والمعاملات أخرى:

  فهي (في العبادات عند الفقهاء وبعض المتكلمين: كون الفعل مسقطاً للقضاء) أي مغنياً عنه بمعنى أنه لا يحتاج إلى فعلها ثانياً.

  قال عضد الدين: لا يقال: القضاء لم يجب فكيف يسقطه؛ لأنا نقول: المعنى دفع وجوبه، قال: وهو مناقشة لفظيَّة. انتهى، فعلى هذا صلاة من صلى يظن الطهارة غير صحيحة.

  (وعند جمهور المتكلمين: موافقة) أمر (الشرع) وإن وجب القضاء كالصلاة بظن الطهارة.

  (و) هي (في العقود: ترتب ثمراتها عليها المقصودة منها) كحصول ملك العين، وحل الإنتفاع في البيع، ومنفعة البضع في النكاح، فلو فسرنا الصحة مطلقاً بأنها عبارة عن ترتب الأثر المطلوب من الحكم عليه لكان حسناً، إلا أن المتكلمين يجعلون الأثر المطلوب في العبادات هو موافقَة أمر الشارع، والفقهاء يجعلونه دفع وجوب القضاء، فمن هاهنا اختلفوا في صحَّة الصلاة بظن الطهارة، فلا يكون الخلاف في صحة العبادات، بل في تعيين الأثر المطلوب منها.

  (وإنما يوصف بها) أي الصحة (ما كان له وجهان) والوجهان موافقة الشرع ومخالفته، أي إنما يوصف بالصحيح الفعل الذي يقع تارة موافقاً للشرع لاستجماعه ما يعتبر فيه شرعاً، وتارة مخالفاً لانتفاء ذلك، عبادة كان كالصلاة، أو عقداً كالبيع، والصحة موافقته الشرع، بخلاف ما لا يقع إلا موافقاً للشرع كمعرفة الله تعالى؛ إذ لو وقعت مخالفة له أيضاً كان الواقع جهلاً لا معرفة، فإن موافقته الشرع ليس من مسمى الصحة، فلا يسمى هو صحيحاً.

  (والبطلان: نقيضها) أي الصحة (بكل من الحدين) أي حدها في العبادات والمعاملات، فهو في العبادات عبارة عن كون الفعل غير مسقط للقضاء، أو عن عدم موافقة أمر الشرع، وفي المعاملات عن عدم ترتب ثمراتها المقصودة منها عليها.

  واختلف في الفساد والفاسد هل يرادف البطلان والباطل:

  فقال (الناصر) للحق الحسن بن علي (ومالك والشافعي: ويرادفه) أي يرادف البطلان (الفساد في العقود) ففاسدها باطل.

  وقال (جمهور أئمتنا والحنفيَّة: بل هو قسم ثالث) متوسط بين الصحَّة والبطلان، وهو نص الهادي إلى الحق في المجموع (وهو خلل فيها) أي في العقود (يوجب في حالٍ) من الأحوال (عدم ترتب ثمراتها