الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[معنى الحمد لله رب العالمين]

صفحة 32 - الجزء 1

  الاسميَّة لقصد الدلالة على الدوام، لا بمعنى أن العدول نفسه هو الدال على الدوام، بل بمعنى أن الذي يدل عليه إنما هو الجملة الاسمية.

  فإن قيل: الاسمية التي خبر المبتدأ فيها فعل تفيد التجدد، وأن الظرف مقدر بالفعل، وهكذا هذا.

  قلنا: قال سعد الدين: الإنصاف أن المفهوم من قولنا زيد في الدار، ثابت فيها أو مستقر، لا ثبت أو استقر، لكن قد حقق الشريف أن اسم الفاعل لا يدل إلا على الثبوت، على أن السكاكي قد قال في نحو هذا: إنه يحتمل الثبوت والتجدد على كلا التقديرين، ويُضم إلى الثبوت الدوام لقرينة المقام.

  ويظهر بهذا وجه القول بأن سلام عليك يفيد الدوام، وكذلك قوله تعالى {إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ ١٥}⁣[الشعراء: ١٥]، وتقديم الحمد على الله باعتبار أنه أهمُّ هنا، وإن كان اسم الله أهمَّ في نفسه، مع أن فيه دلالة الإختصاص.

  الحمد (لله) وخص الجلالة الشريفة بالذكر؛ لأنها مستحقة لخصال المحامد، وغيرُها لو ذكرت كالخالق والرازق أفادت أن الحمد على الخلق أو الرزق وحدهما.

  قوله: (رب) الرب مصدر بمعنَى التربية، وهو تبليغ الشيء إلى كمالِه شيئاً فشيئاً، ووصف به للمبَالغة، كما في قولهم: رجل عدل.

  وقيل: هو نعت من رَبّه يَرُبُّه فهو ربُّه، ومنه قولُ صفوان لأبي سفيان: لإن يرُبَّنِي رجل من قريش خير من أن يرُبَّني رجل من هوازن.

  ولم يطلق الرب إلا على الله وحده، وهو في غيره على التقييد بالإضافة، تقول: رب الدار، وربُّ المال، ثُمَّ إنه يجرّ على أنه صفة لله، أو مرفوع على المدح، أو منصوب على هذا الوجه، أو على النداء، أو بالفعل الذي دل عليه الحمد.

  (والعالمين) جمع عالم، اسم لذوي العلم من الملائكة والثقلين.

  وقيل: كل ما علم به الخالق من الأجسام والأعراض.

  وقيل: عنى به الناس هنا، كأن كل واحدٍ منهم عالم صغير مشتمل على نظائر ما في العالم الكبير من الجواهر والأعراض، فيعلم به الصانِع، وجُمِعَ ليشتمل على كل جنسٍ.

  فإن قيل: البشر هو اسم غير صفة، وإنما يجمع بالواو والنون صفات العقلاء أو ما في حكمها من الأعلام.