فصل: [في الدليل]
  ولا يمكن التوصّل إلى المطلوب بالنظر الفاسد: أمَّا صورَة فظاهر، وأمَّا مادة(١) كما في قولنا: العالم بسيط، وكل بسط له صانع، فلا يبقى وجه الدلالة؛ إذ ليست البساطة مما ينتقل الذهن منه إلى ثبوت الصانع، وإنما ينتقل إلى الثبوت من الحدوث، وإن كان قد يفضي إلى المطلوب فذلك أيضاً اتفاقي ليس من حيث أنه وسيلة له.
  وقيدنا المطلوب (بالخبري) لإخراج الحد، ولو قيد بالتصوري كان حداً للقول الشارح(٢)، ولو جرد عنهما كان للمشترك بينهما - أعني الموصل إلى المجهول.
  إذا عرفت هذا (فيشمل) الحد الدليل (القطعي والظني) ومثلهما في شرح جمع الجوامع بالعالم لوجود الصانع في القطعي، والظني كالنار لوجود الدخان.
  (و) أما حده (عند المتكلمين) فهو: (ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى العلم بمطلوب خبري، فيخرج) من الحد (الظني: وهو) أي الظني (ما أسند إلى الأمارة) فإنه لا يسمى دليلاً عندهم، إلا ما أفاد العلم اليقين، واحترز بمطلوبٍ خبري عما ذكرناه آنفاً، وإن أردت تحديد الأمارة على حيالها، قلت: إلى الظن بمطلوب خبري.
  قال الشيخ لطف الله بن محمد: الظاهر أن الأمارة هي الدليل الظني، وأنها المسند إليها الحكم، وأنه إذا أسند شيء من الأحكام إلى خبر الواحد - مثلاً - فخبر الواحد يسمى ظنياً، والحكم المسند إليه أيضاً ظني، والمقصود هنا الأوَّل فلم يظهر لي معنى إسناد الدليل الظني إلى الذي أسند إلى الأمارة، فلينظر فيه.
(١) كما إذا نظر في العالم من حيث البساطة، وفي النار من حيث التسخين، فإن البساطة والتسخين ليس من شأنهما أن ينتقل بهما إلى وجود الصانع والدخان، ولكن يؤدي إلى وجودهما، هذان النظران ممن اعتقد أن العالم بسيط، وكل بسيط له صانع، وظن أن كل مسخن له دخان، تمت من حاشية على الأصل.
(٢) معنى ذلك أنك لو قلت: هو ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب تصوري، كان هذا حد الحد، المسمى بالقول الشارح.
ولو قلت: ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب، كان حداً للمشترك بين المطلوب الخبري، والمطلوب التصوري، وذلك القدر المشترك هو الموصل إلى المجهول، إذ في الدليل المحدود إيصال إلى المجهول، وكذا في القول الشارح، فلو اقتصرت على مطلوب لكان للقدر المشترك، فاعرف. تمت من حاشية على الأصل.