فصل: [في الدليل]
  ويمكن أن يقال: إن المراد بالقطعي والظني المطلوب - يعني فيشمل المطلوب القطعي والمطلوب الظني - ويخرج المطلوب الظني فيصح حينئذ تفسير الظني بما أسند إلى الأمارة.
  (وليس الظن بلازم عن النظر فيها) أي في الأمارة بل قد يحصل وقد لا يحصل (وفاقاً للبهاشمة) وهم أصحاب أبي هاشم؛ لأنا نعلم حسن جميع الأنظار؛ لعلمنا بحسن الإقدام عليها على الإطلاق، فلو كانت تولد الاعتقادات والظنون، ومعلوم أنَّ فيها(١) ما هو قبيح(٢) كالنظر في الشبه لما حسنت الأنظار على الإطلاق؛ لأن قبح السبب(٣) يستدعي قبح المسبب وأيضاً، فليس بين الظن وبين شيء ربط لانتفائه مع بقاء سببه، كما إذا أغيم الهواء فحصل لنا ظن حصول المطر ولم تمطر فزال الظن وبقي سببه وهو الغيم، (وخلافاً للملاحميَّة) في الحواشي، قال أبو الحسين وأصحابه الذين نفوا المعاني: إن النظر عبارة عن استحضار المكلف علوماً ضروريَّة بمعلوماتٍ بينها وبين المنطوق فيه نوع تلازم، فإذا استحضر الشخص تلك العلوم علم استلزامها للمطلوب فعلمه. انتهى.
  ولما ذكر النظر في تعريف الدليل احتاج إلى ذكره فقال: (والنظر: الفكر) وهو انتقال النفس في المعقولات انتقالاً بالقصد؛ لأن انتقالها في المحسوسات الشاملة للوهميات تسمى تخييلاً، وبغير قصد كما في المنام لا يسمى فكراً، وذلك الانتقال الفكري قد يكون طلب علم أو ظن فيسمى نظراً، وقد لا يكون كذلك كأكثر حديث النفس، فلا يسمى نظراً(٤)، وقد أخرجه المصنف بقوله (المطلوب به علم أو ظن) بمطلوب خبري فيهما أو تصوري في العلم، ويشمل التعريف النظر الصحيح القطعي والظني والفاسد، فإنه يؤدي إلى ما ذكر بواسطة اعتقاد أو ظن، وإن كان بينهم من لا يستعمل التأدية إلا فيما يؤدي بنفسه، (والإدارك) أي وصول النفس إلى المعنى بتمامه من نسبة أو غيرها (بلا حكم) معه من إيقاع النسبة أو انتزاعها (تصور) كتصور أن الإنسان وحدَه، والإنسان والكاتب كل واحد منفرد عن الآخر أو مع النسبة بينهما مشكوكاً فيها، ويسمى علماً، وأمَّا وصول النفس إلى المعنى لإتمامه فيسمى
(١) يعني الإعتقادات التي ليست بعلوم والظنون، تمت معراج.
(٢) فالقبيح من الإعتقاد ما كان معتقده لا على ما تناوله، تمت معراج.
(٣) في منهاج القرشي: لأن قبح المسبب يقتضي قبح السبب، والوجه في ذلك أنما أدى إلى القبيح فهو قبيح بلا محالة، ولا أبلغ من تأدية السبب، فإنه موجب، تمت معراج.
(٤) أو نقول الفكر: ملاحظة المعقول لتحصيل المجهول، تمت من حاشية (أ).