فصل: [في الدليل]
  شعوراً، (وبحكم) يعني والإدراك للنسبَة وطرفيها مع الحكم المسبوق بالإدراك لذلك (تصديق) كإدراك الإنسان والكاتب، وكون الكاتب ثانياً للإنسان، وإيقاع أن الكاتب ثابت للإنسان، وانتزاع ذلك أي يفيد في التصديق بأن الإنسان كاتب وأنه ليس بكاتب الصادقين في الجملة.
  وقيل: الحكم إدراك أن النسبة واقعة وليست بواقعة، قال بعضهم وهو التحقيق: والإيقاع والانتزاع ونحوهما كالإيجاب والسلب عبارات.
  (وهو) أي التصديق: (جازمٌ) لا يحتمل متعلقه عند نقيض المصدق، (وغير جازم) يحتمله.
  (فالجازم) هو (مع المطابقة) للواقع (وسكون النفس) بالحكم عليه (علمٌ) كالعلم بأن زيداً متحرك ممن شاهدَه متحركاً، وأن العالم حادث، وأن الجبل حجر.
  (والجازم مع المطابقة) للواقِع (دون سكونها) أي النفس (اعتقاد صحيح) كاعتقاد المقلد أن ركعتي الفجر سنة.
  والجازم (مع عدمهما) أي مع عدم المطابقة للواقع وعدم سكون النفس (فاسد) كاعتقاد الفلاسفة أن العالم قديم.
  (وغير الجازم) وظاهره أن المراد غير الجازم من التصديق، ويلزم أن يكون الوهم والشك من أقسام التصديق وقد قيل: إن المشهور خلافه؛ إذ لا اعتقاد ولا حكم فيهما، أمَّا في الشك فلأن طرفي الإثبات والنفي متساويان فيه، فإن كان حكم واعتقاد فإمَّا بهما، وفساده ظاهر، وإما بأحدهما فيلزم التحكم، والكلام في المعنى القائم بالنفس سواء عبر عنه بالألفاظ أو لا، فلا يتوجه أن الشاك قد يتلفظ بما يدل على أحد الطرفين، وأمَّا في الوهم فلأن المرجوح أدنَى من المساوي، وأيضاً فالراجح حكم فيلزم اعتقاد النقيضين معاً، وبالجملة لا بد في الحكم والاعتقاد من رجحان، ولا رجحان فيهما، فالصواب أن يقال: المراد بغير الجازم غير الجازم مطلقاً أعم من أن يكون من التصديق أو من غيره.
  وقد أجيب عن الاعتراض: بأن الواهم حاكم بالظن المرجوح حكماً مرجوحاً، والشاك حاكم بجواز وقوع أحد النقيضين بدلاً عن الآخر.
  إذا عرفت هذا فغير الجازم ثلاثة أقسام: الأوّل: (ظن و) الثاني: (وهم و) الثالث: (شك) وهذا بناء على المشهور فيما بينهم، وإلاَّ فإن الاعتقاد قد يطلق على ما يشمل العلم والظن كما صرح