الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[حكم البسملة والمعوذتين]

صفحة 298 - الجزء 1

  وأخرج عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، قال: كان عبد الله ابن مسعود: يحك المعوذتين من مصاحفه، ويقول: إنهما ليسا من كتاب الله.

  وأخرج الدارمي والطبراني عنه من وجهٍ آخر أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقولُ: إنما أمر النبي صلى الله عليه أن يتعوذ بهما، وكان عبد الله لا يقرأ بهما)، أسانيدها صحيحة.

  قال ابن حجر: فقولُ من قال إنه كذب عليه، مردودٌ، والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل، بل الروايات صحيحة، والتأويل محتمل، وقد أوله القاضي وغيره على إنكار الكتابة كما سبق، قال: وهو تأويل حسن، إلا أن الرواية الصريحة التي ذكرتها ترفع ذلك حيث جاء فيها، (ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله).

  قال: ويمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف فيتم التأويل المذكور، قال: لكن من تأمل سياق الطرق المذكورة استبعد هذا الجمع.

  قال: وقد أجاب ابن الصباغ⁣(⁣١) بأنه لم يستقر عنده القطع بذلك، ثُمَّ حصل الإتفاق بعد ذلك، وحاصله أنهما كانا متواترتين لغيره، لكن لم تتواترا عنده.

  وقال ابن قتيبة: ظن ابن مسعود أن المعوذتين ليستا من القرآن؛ لأنه رأى النبي ÷ يُعَوِّذُ بهما الحسن والحسين، فأقام على ظنه، ولا نقول: إنه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار.

  قال (القاسم) بن إبراهيم # في جواب المسألة الطبرستانيَّة، (والهادي) إلى الحق نص عليه في المجموع (والجمهور) من العلماء: (ويكفر منكر آية) محكمة أو متشابهة، لتضمنه تكذيب النبي ÷ فيما جاء به، (فيقتل) لارتداده بذلك وأمر قتله إلى الإمام؛ إذ هو حد، هذا (إن لم يتب) من الإنكار وهي إسلام.

  فإن قيل: لو كفر منكر آية مع القول بتواترها وبالقطع بأن ما لم يتواتر ليس بقرآن لكفرت إحدى الطائفتين الأخرى: ببسم الله الرحمن الرحيم، واللازم منتفٍ، أمَّا الأولَى فلأنه إن تواتر فإنكاره نفي


(١) هو أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الواحد، أبو منصور القاضي، ابن الصباغ البغدادي، من علماء الشافعية، له مصنفات، توفي سنة (٤٩٤) هـ.