فصل: [في كلام الجزري في القرآءة الصحيحة]
  [١] (ما صح سندها) بأن يروي تلك القراءة عدل عارف ضابط، عن مثله، حتَّى ينتهي إلى النبي ÷، قال: وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له، غير معدودة عندهم من الغلط أو ما يستبد بها بعضهم.
  [٢] (ووافقت) رسم أحد (المصاحف العثمانية) التي أقرها عثمان، وأمر بإحراق ما عداها.
  قال القاضي عبد الله: والسبب في نسبتها إلى عثمان أن الصحابة كثر اختلافهم في المصاحف في ولايته، فجمعت المصاحف، ووقع اتفاق من علي # ومن الصحابة على مصحف أمر عثمان باتباعه وشدد في النهي عن خلافه، وهي كلها متفقة في السور، لكن كان في بعضها اختلاف في شيء من الإعراب، وقراءة القراء ومواضع فصل: الآيات ونحو ذلك، وأمر عليهم بأن يكتب من تلك النسخة ست نسخ، وفرقت في النواحي، وأمر بإبعاثها إليهم.
  وقال السيوطي: إن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يعادي أهل الشام في فتح أرمينيَّة وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمَّة قبل أن تختلف اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثُمَّ نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنه إنما أنزل بلسانهم، ففعلوا حتَّى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصَة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، ثم أمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. انتهى.
  وقد عد هذا من مثالب عثمان - أعني ترحيقه للقرآن - على أنه قد قيل إنها لم توضع باجتماع رأي من الصحابة؛ إذ المعلوم أن ابن مسعود لم يرض بتسليم مصحفة إلى عثمان بحرقه حتَّى أمر بإشخاصه من الكوفة إلى المدينة، وكان منه إليه ما كان.
  نعم، والمصحف العُثماني هو المسمى بالإمام عندهم، والمصاحف المشهورة التي كانت على عهده ÷ ثلاثة مصحف أبي بن كعب، ومصحف زيد بن ثابت، ومصحف بن مسعود.
  فأمَّا ابن مسعود: فإنه قرأ القرآن بمكة وعرضه على رسول الله هناك، ولم يكن قد كمل النزول.
  وأمَّا أبي: فإنه قرأه بعد الهجرة وعرضه في ذلك الوقت.