فصل: [في كلام الجزري في القرآءة الصحيحة]
  ولذلك قال أبو بكر بن العربي: ليست هذه السبعة متعينة للجواز حتَّى لا يجوز غيرها، كقراءة أبي جعفر وشيبة والأعمش ونحوهم، فإن هؤلاء مثلهم أو فوقهم وكذا قال غير واحد منهم: مكي وأبي العلاء الهمداني وآخرون من أئمة القراءة.
  قال بعضهم: التمسك بقراءة سبعة من القراء دون غيرهم ليس فيه أثر ولا سنَّة، وقد أسند إنكار أئمة هذا الشأن على من يظن انحصار القراءت في السبع.
  (و) حكى الجرزي أيضاً (أنه لا يشترط في الصحة التواتر إلا عند بعض المتأخرين) فقال ما لفظه أو معناه: وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن - يعني السند - ولم يكتف فيه بصحة السند، وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وأمَّا ما جاء مجيء الآحاد لا يثبت فيه قرآن، وهذا لا يخفى ما فيه، فإن التواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الركنين الأخيرين من الرسم وغيره إذا ما ثبت من أحرف الخلاف متواتراً عن النبي ÷ وجب قبوله، وقطع بكونه قرآناً، سواء وافق الرسم أو خالفه، وإذا اشترطنا التواتر في أحرف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمَّة السبعة وغيرهم.
  وقد قال أبو شامَة: شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن السبع كلها متواترة، أي كل فردٍ مما روي عنهم، قالوا: والقطع بأنها منزلة من عند الله واجب، ونحن بهذا نقول: ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق، واتفقت عليه الفرق من غير نكير له، ولا أقل من اشتراط ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها، وقال فحينئذ الشرط واحد وهو صحة النقل، ويلزم الآخرين، فمن أخذ معرفة حال النقلة وأمعن في العربية، وأتقن الرسم انحلت له هذه الشبهة. انتهى.
  وسيأتي إنشاء الله تعالى الكلام على اشتراط التواتر.
  (و) حكى الجرزي أيضاً (أن ما اختل فيه أحد القيود الثلاثة فشاذة أو باطلة) والقيود الثلاثة هي ما صح سندها، وما وافقت المصاحف العثمانية، والعربيَّة، سواء كانت عن السبعة أو عن غيرهم.
  وقول السيد ¦ (فشاذة أو باطلة): إشارة منه إلى معنى ما قاله الجزري ناقلاً عن مكي ما روي في القرآن على ثلاثة أقسام:
  [١] قسم يقرأ به ويكفر جاحده: وهو ما نقله الثقات، ووافق العربية وخط المصحف.