الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في كلام الجزري في القرآءة الصحيحة]

صفحة 304 - الجزء 1

  [٢] وقسم صح نقله عن الآحاد وصح وجهه في العربيَّة، وخالف لفظه خط المصحف: فمقبول، ولكن لا يقرأ به، قال: ولا يكفر من جحده، ولبئس ما صنع إذا جحد، وذلك كقرآة ابن عباس، {وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً وأمَّا الغلام فكان كافراً} ونحو ذلك، مما رواه الثقات.

  وما نقله غير ثقة أو نقله ثقة ولا وجه له في العربية فمردود وإن وافق خط المصحف، قال:

  ومثال ما نقله ثقة ولا وجه له في العربية: قليل لا يكاد يوجد، وجعل بعضهم منه رواية خارجة عن نافع {معائش} بالهمز.

  ومثال ما نقله غير ثقة: كثير مما في الكتب الشواذ مما غالب إسناده ضعيف، وكالقراءة المنسوبة إلى الإمام أبي حنية التي جمعها محمد بن حسن الخزاعي، ونقلها عنه أبو القاسم الهذلي، ومنها {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} برفع الله، ونصب العلماء.

  [٣] وبقي قسم مردودٌ: وهو ما وافق العربيَّة والرسم ولم ينقل، فهذا رده ومنعه أشدَّ، ومرتكبه مرتكبٌ لعظيم من الكبائر، وقد ذكر جواز ذلك عن أبي بكر بن مقسم، وعقد له بسبب ذلك مجلس وأجمعوا على منعه، ومن ثَمَّ امتنعت القراءة بالقياس المطلق الذي لا أصل له يرجع إليه، ولا ركن يعتمد في الأداء عليه.

  قال: أمَّا ما له أصل كذلك فإنه يصار إلى القبول القياس عليه كقياس إدغام، {قَالَ رَجُلَانِ} على {قَالَ رَبِّ} ونحوه مما لا يخالف نصاً ولا أصلاً ولا يراد إجماعاً مع أنه قليل جداً، ولقد أتقن الإمام ابن الجزري هذا الفصل: وجوده جداً.

  فعلى هذا أن السيد | أراد بالشاذة ما صح نقله آحاداً ووجهه وخالف في خطه المصحف، وبالباطلة ما نقله الثقة أو غيره مع انتفاء الوجه في العربيَّة، أو وافق العربية والرسم ولم ينتقل والله أعلم.

  (وحكى غير الجزري أن الشاذة ما وراء السبع) المعروفة (وقيل: ما وراء العشر) كذلك وهذا هو رأي البغوي وصاحب الجمع وابنه فزعموا أنَّها مثل السبع المتقدمة، وأنها لاحقة بها في صحة السند، واستقامة الوجه في العربية، وموافقة خط المصحف.

  حتَّى قال ابن صاحب الجمع: إن القول بأنها غير متواترة في غاية السقوط، ولا يصح القول به عمن يعتبر قوله في الدين، وهي لا تخالف رسم المصحف.