مقدمة التحقيق
مقدمة التحقيق
  
  الحمد لله رب العالمين، الذي سهل لنا المسالك، وجنبنا طرق المهالك، ونصب لنا الأدلة، مضيئة كالشموس والأهلة، وركب لنا العقول، لنتخذها سلماً إلى الوصول، ونحلق بها في سماء المعقول والمنقول، ونستخرج من أصولها الفصول، ونلحق فروعها بالأصول، له الحمد كثيراً بكرة وأصيلاً.
  وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد المعبود، الصمد الفرد القديم الموجود، لا يدرك بعين، ولا يوصف بأين ولا بين، ولا يطرؤ عليه الحين، شهادة منجية من الشدائد، مخلصة لقائلها من المكائد، خالصة من شبه كل ملحد ومعاند.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الصادق، الهادي إلى الصراط المستقيم، والداعي إلى الحق القويم، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.
  أما بعد:
  فقد حظي علم أصول الفقه بعناية تامة، واهتمام كبير من قبل العلماء من جميع الطوائف، وحصلوه تحصيلاً زائداً، وألفوا فيه مؤلفات جمة، بين مختصر ومتوسط وبسيط، وذلك لأن علم أصول الفقه من العلوم الهامة، التي لا يستغني عنها الباحث في فهمه لآيات القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة واستخراجه الأحكام الشرعية وتوابعها منهما، فهو آلة من الآلات التي بواسطتها يستنبط العالم غوامض الأحكام، ودلالات الحلال والحرام، فهو أساس يبتني عليه غيره، وأصل تتفرع عليه الأحكام، وقد اشتهر عند كل فرقة وطائفة متن اهتموا بحفظه ودرسه وتدريسه ووسعوا عليه الشروح والتعاليق.
  وكتاب الفصول اللؤلؤية للسيد الإمام، علم الأعلام، صارم الإسلام إبراهيم بن محمد الوزير من أهم الكتب التي راجت في سوق الدرس والتدريس في المدارس الزيدية، لجودة سبكه، وحسن صوغه، ودقة نقله، وقوة حجته، وتوسع بحثه، وإلمامه بأقوال العلماء من الطوائف إلا ما شذ وندر أو لا يلتفت إليه، فعكف عليه العلماء والمتعلمون، وتنافس في حفظه وفهمه الطالبون والباحثون، وحرص على اقتنائه المحصلون، وتسابق العلماء إلى الشرح والتوضيح، وتزاحمت الأقلام في التعليق والتصحيح، وكيف لا يهتمون به ومؤلفه من لا يشق له غبار، ولا يجارى في مضمار، فكان الفائز في ميدانه، والحائز لأولى