فصل: [في القرآءات السبع وبيان تواترها]
  فإن كانت متواترة كانت التي من القرآن.
  وإن كانت آحاديّة لزم ما قدمنا من كون بعض القرآن آحادياً. انتهى.
  وكذلك لو كان الفرش آحادياً للزم أن يثبت تواتر اللفظ دون هيئته، وذلك باطل؛ لأن اللفظ لا يقوم إلاَّ به، ولا يصح إلاَّ بوجوده.
  قال الجزري: ولا يعلم أحد تقدم ابن الحاجب إلى ذلك.
  وقال بعض المحققين: الحق أن أصل المد والإمالة متواترة، ولكن تقديرهما غير متواتر للاختلاف في كيفيته كما قدمناه، وأمَّا أنواع تخفيف الهمزة فكلها متواترة، وكلامه غير بعيد عن الصواب.
  احتج القائلون بأنها آحاديَّة: بأن الذي روي عن كل واحد من السبعة راويان فقط وهو لا يحصل بخبرهما التواتر.
  قلنا: الذي قرأه القراء السبعة قد قرأه غيرهم، كما نقل عنهم نقل عن غيرهم، فلم ينفردوا هم ولا رواتهم بالنقل، وإنما أضيفَت القراءة إليهم؛ لأنهم هم الذين اشتهروا بذلك وصنفوا فيه، وإلى قولنا أشار السيد | بقوله:
  (ومعتمد أئمتنا قراءة أهل المدينة) إذ هي قراءة نافع، وكذلك قراءة حمزة، وقراءة أهل العراق، وكل قارئ فقراءته قراءة أهل بلده.
  وقد يقال: لا نسلم أن قراءة كل قارئ قراءة أهل بلده، بل هو المنفرد بها، وإن سلم ثبتت في تلك التواتر، ودليل ذلك ما ذكره مصنفوا علم القراءة في سند راوي كل من القراءات إلى النبي ÷ من الوسائط فيما بينه وبينه ÷، وأمَّا من بعد فلا شك في تواتر القراءات عن أربابها، لكن معتقدنا فقط والذي يذهب إليه قول الجزري.
  نعم، والهادي إلى الحق، وولده المرتضى $ هم اللذان أظهراها في بلاد الزيدية باليمن.
  (ولزيد بن علي قراءة مفردة مرويَّة عنه) وقد صنف فيها أبو حيان كتاباً جمعها فيه اسمه (التبر الجلي في قراءة زيد بن علي)، وحكى نشوان عن السيد أبو طالب أنه قال في كتاب الدعامة في فضل زيد بن علي ما لفظه: منها اختصاصه بعلم القرآن، وله قراءة مفردة مرويَّة عنه. انتهى.
  ومن ذلك: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢} بالنصب على الاختصاص.