الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في أبحاث متعددة]

صفحة 314 - الجزء 1

  وكذلك قراءة حماد الراوية {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ}⁣[لأعراف: ١٥٦]، من أساء بالسين المهملة، ولذا احتج بقراءة {مَنْ أَشَاءُ} على تعذيب الأطفال.

  قلنا: قد ثبتت هذه القراءة أن الذي يشأ الله تعذيبهم هم المسيئون، لا من لا ذنب له.

  ومَثَّلَها الجرزي على قواعدهم بقراءة ابن كثير {وَمُلْكًا كَبِيرًا ٢٠}⁣[الإنسان: ٢٠]، ومن أحسن أمثلة ذلك قوله تعالى {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا}⁣[يوسف: ١١٠]، بالتشديد فإنها دافعة لما يتوهم من التخفيف.

  وأنت خبير بأن زيادة لفظ أصل في قوله (أصل الحق وأصل الزيغ) لا ثمرة لها.

  [٢] (أو) لبيان (حكم مجمع عليه) كقراءة سعد بن أبي وقاص {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ}⁣[النساء: ١٢]، فهي مبينة أن المراد بالأخوة هنا الإخوة من أم وهو أمرٌ مجمع عليه.

  [٣] (أو) وقع الاختلاف (لترجيح مختلف فيه) كقراءة {وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} في كفَّارة اليمين، ففيها ترجيح لاشتراط الإيمان في الرقبة، وهو قول علمائنا والشافعي، خلافاً لأبي حنيفة.

  [٤] (أو) وقع الاختلاف (لجمع بين حكمين مختلفين) كقراءة: {يَطْهُرْنَ ويَطَّهَرْنَ} بالتشديد والتخفيف، فاختلافهما دليل على الجمع بين الحكمين، فلا تقرب الحائض حتَّى تطهر من حيضها وتطهر بالغسل.

  [٥] (أو) وقع (لاختلافهما) أي اختلاف حكمين شرعيين كقراءة: {أَرْجُلَكُمْ وأَرْجُلِكُمْ} بالنصب والخفض، فقراءة النصب توجب الغسل، وقراءة الخفض توجب المسح، وهذا لا يكون مثالاً على قواعدنا، إنما مثل به الجرزي، فيُنظر ما مثال أهل المذهب.

  [٦] (أو) وقع (لتفسير ما لَعَلَّهُ لا يُعْرَف) كقراءة كالصوف المنفوش مع قوله {كَالْعِهْنِ ٩}⁣[المعارج: ٩]، فإن هذه القراءة تفسير ما لَعَلَّهُ لا يُعرف وهو العهن.

  [٧] (أو) وقع (لإيضاح حكم يقتضي الظاهر خلافه) نحو قراءة {فَامْضُوا إِلَى حُكْمِ اللهِ} تعالى، فإن قراءة {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}⁣[الجمعة: ٩]، يقتضي ظاهره المشي السريع، وليس كذلك، فكان القرآءة الأخرى موضحة لذلك، ورافعة لما يتوهم.

  [٨] (أو) وقع (لترجيح قول بعض النحويين على بعض) كقراءة حمزة، {فاتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامِ} بالجر، فإنها رجحت قول من يجيز العطف على المضمر بغير إعادة