الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[معنى الصلاة على النبي وآله]

صفحة 37 - الجزء 1

  إذا تقرر أن هذه الأمَّة أفضَل من غيرها وفضائلها واسعة، فقول السيد |: (سيدة نساء الخلق)، استرجاحٌ لتفضيلها على مريم بنت عمران بما ذكرناه من الأدلَّة، وقد قال من المتأخرين به الجمهورُ موالفاً ومخالفاً.

  وروي عن أبي هريرة خلافه، وأخرج الحاكم عن أبي سعيد أنه قال «فاطمة سيدة أهل الجنَّة إلا مريم بنت عمران»، لكن هذا لا يستلزم أفضلية مريم، إذ لم ينف إلاَّ أفضلية فاطمة عليها وما نفى المساواة، على أن ما تقدم يُرَجَّح، ومن فضَّل مريم نظر إلى الإختلاف في نُبُوَّتها، ويرفعه قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ}⁣[يوسف: ١٠٩]، ونحوها.

  أمَّا أفضلية مريمَ على خديجة فقد قال بِه قوم نظراً إلى هذا والله أعلم، وفي الترمذي: «حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، وخديجة، وفاطمة بنت محمد، وآسيَة امرأة فرعون»، وفي الصحيح: «خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد» فيلزم أفضلية خديجة بما قلناه بعينه في فاطمة، والمنازل عند الله.

  (وصلواته على سبطيهما) أي سبطي علي وفاطمة @، وأكثر ما يطلق السبط على ولد الولد، وكان الحسن والحسين سبطي رسول الله، وإنما أطلق السبط هنا على الولد بناء على أنه يستعمل في غير ولد الولد، وأخرج الترمذي عن يعلى: «حسين سبط من الأسباط»، وهو والبخاري في الأدب المفرد وابن ماجه أنه قال ÷: «حسين مني وأنا منه، اللهم أحبَّ من أحب حسيناً، الحسن والحسين سبطان من الأسباط».

  واعلم أنه قد ثبت بالأخبار الصحيحة المتواترة أنهمَا ابنان له ÷ كان يقول «هذان ابناي، وابنا ابنتي، اللهم إني أحبهما فأحبهما».

  ومن ذلك: «إن ابني هذا سيد» أخرج الأول الترمذي، والثاني البخاري، وغير ذلك.

  (وصلاته على الأئمة السابقين) وهو جمع سابق، وهو صاحب الدعوة والظهور، وأشار بِه إلى قوله تعالى {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ٣٢}⁣[فاطر: ٣٢]، أي بعد أولئك المذكورين أولاً، ويريد بالمصطَفِين على قول العترة: أولاد النبي ÷ إذ هم منه وهو صفوة الصفوة.