[الثالث: وجه إعجاز القرآن]
  ومثل هذا ذكر القاضي عبد الله بن حسن، قال: ما خلا سورة التوبة فمات ÷ ولم يبين موضعها، وكانت قضيتها شبيهة بقضية سورة الأنفال فقربت إليها. انتهى.
[الثالث: وجه إعجاز القرآن]
  (و) أما وجه إعجازه فقد (اختلف في وجه إعجاز القرآن):
  [١] (فعند أئمتنا والجمهور) من العلماء وجه إعجازه (بلاغته الخارقة للعادة) لاشتماله على أسرار وخواص خارجة عن طوق البشر.
  قال الشيخ لطف الله: فإن قيل: ليس البلاغة سوى المطابقة لمقتضى الحال مع الفصاحة، وعلم البلاغة كافلة بإتمام هذين الأمرين، فمن أتقن وأحاط به لم لا يجوز أن يراعيهما حق الرعاية فيأتي بمثل شيء من المعجز، ولو بمقدار أقصر سورة.
  أجيب: بأنه لا يعرف بعلم البلاغة إلا أن هذا الحال يقتضي ذلك الاعتبار مثلاً، وأمَّا الاطلاع على كمية الأحوال وكيفيتها ورعايَة الاعتبار بحسب المقامات وأمر آخر، ولو سُلم فإمكان الإحاطة بهذا العلم لغير علام الغيوب ممنوع كما صرح به السكاكي وغيره، وكثير من مهرة علم البلاغة تراه لا يقدر على تأليف كلام بليغ فضلاً عن المعجز. انتهى.
  [٢] (وقيل: الإخبار بالغيب) هو وجه إعجازه، قال في الغايات: وهذا في مواضع تسعة:
  منها: قوله تعالى {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا}[البقرة: ٢٤]، فأخبر أنهم لا يفعلون وكان كما قال تعالى.
  وثانيها: قوله تعالى {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ٣ فِي بِضْعِ سِنِينَ}[الروم: ٣ - ٤]، إلى قوله {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ٤ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ}[الروم: ٤ - ٥]، ثُمَّ قال {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ}[الروم: ٦]، وذلك لأن هرقل وكسرى اقتتلا، فغلبت الروم وكان هوى المسلمين أن لا يغلبوا؛ لأنهم نصارى أهل الكتاب، والفرس مجوس، وكان هوى المشركين بالعكس، ولذلك افتخروا على المسلمين بغلبة المجوس على الروم واغتم المسلمون لذلك، فأخبر المسلمين بأن الروم بعد كونهم مغلوبين سيغلبون، فأنكر ذلك المشركين فتراهن على ذلك أبو بكر وأمية بن خلف لعنه الله، فكان الأمر فيه كما أخبر الله عنه.
  وثالثها: قوله تعالى {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}[آل عمران: ١٥١]، ففعل الله ذلك حتَّى روي عنه ÷ أنه قال «نصرت بالرعب».