فصل: في بيان معنى المحكم والمتشابه وما يتعلق بهما
  وحاصل كلامه ما أريد به معنى وعلم أن المراد به ذلك المعنى من ظاهر ذلك اللفظ، فينظر في الملائمة بين هذا وبين نقل المصنف عنه.
  (وقيل) المحكم (آيات الحلال والحرام)، والمتشابه خلافه.
  (و) المحكم (هو):
  [١] (نص جلي) وهو ما أفاد معنى لا يحتمل غيره نحو قوله تعالى {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[البقرة: ٨٣]، {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}[الاسراء: ٣٢]، وغير ذلك.
  [٢] (وظاهر) نحو {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١]، أي مستقبلات لعدتهنَّ، كقوله: أتيته لليلة بقيت من محرم، أي مستقبلاً لها.
  [٣] (ومفهوم) نحو قوله تعالى {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}[الاسراء: ٢٣]، فهو في دلالته على تحريم الضرب محكم، وإنما يكون كل من الظاهر والمفهوم من قبيل المحكم إن (لم يُعَارَضَا) فإن عارضهما ما يحوجهما إلى الترجيح خرجا عن حيز الأحكام.
  [٤] (وخاص وإن عارضه عام) مثل قوله تعالى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٤]، وقوله {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨].
  [٥] (ومقيد وإن عارضه مطلق) مثل قوله تعالى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء: ٩٢]، مع قوله {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المجادلة: ٣]، فمعارضة الخاص للعام والمقيد للمطلق لا يخرجهما عن حيز الإحكام، وسنبين لك ذلك فيما بعد عند ذكر الخلاف في الباقي بعد التخصيص إنشاء الله، والمقيد هو شبيه بالخاص، والمطلق شبيه بالعام وأحكامها واحدة.
  (وما وافقه تحسين عقلي) فإنه محكم، ومثاله قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ}[لأعراف: ٢٨]، مع قوله {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا}[الاسراء: ١٦]، فالأول وافقه التحسين العقلي؛ لأن العقل يقتضي أن الله غير آمر بالفحشاء فيكون هو المحكم، بخلاف الثاني.
  (ومنه) أي من المحكم (في) الاحتمال أو القول (الأظهر مجاز قرينته ضروريَّة) كقوله تعالى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢]، فإن قرينته ضروريَّة، (أو جلية) كالمستندة إلى العقل بواسطة النظر، مثل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}[البقرة: ٢١]، مع إخراج المجانين والصبيان، وقوله في