الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

تنبيه

صفحة 330 - الجزء 1

  (لوقوع الخطاب به) أي بالمتشابه للنبي ÷ وأمته، والخطاب كما عرفت توجيه الكلام نحو الغير للإفهام، فيمتنع أن يخاطبنا الله بما لا يفهم.

  (وقال بعض السلف) كابن عباس في أصح الروايات عنه، فإن الحاكم أخرج في مستدركه، وعبد الرزاق في تفسيره: أنه كان يقرأ وما يعلم تأويله إلا الله، ويقول الراسخون في العلم آمنا به.

  وكأبي: فإن القراء حكوا عنه أيضاً أنه كان يقول ويقول الراسخون.

  وابن مسعود: فإنه أخرج بن أبي داود في المصاحف من طريق الأعمش، قال في قراءة ابن مسعود: وإنْ تأويله إلاَّ عند الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به.

  وفي النهج أيضاً ما يدل على أنه رأي أمير المؤمنين، وهو في أمالي أبي طالب معزو إليه، ولم يتأوله ولا طعن فيه، ولفظه: (اعلم أيها السائل أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن الإقتحام على السدد المضروبَة دون الغيوب، الإقرارُ بجملة ما جهل تفسيره من الغيب المحجوب، فمدح الله اعترافهم بالعجز عن تأول مالم يحيطوا به علماً، وسمي تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عنه رسوخاً، فاقتصر على ذلك)، انتهى بحروفه.

  وهو مروي عن عائشة: أخرج ابن أبي حاتم عنها، قالت: كان رسوخهم في العلم أن آمنوا بمتشابِهه ولا يعلمونه.

  كما أخرج ما يدل عليه عن ابن عباس وعن أبي الشعثاء أيضاً، وأبي نهيك، والرادمي ما يدل على هذا عن عمر.

  (وأكثر الفقهاء والمحدثون): بالرفع عطفاً على أكثر (لا يعلمونه) أي الراسخون، (لعدم الخطاب به) بل إنما قصد به التلاوة فقط، والإيمان به جملة، وإذا كانا المقصودين لم يقع به خطاب، فيلزم منه إفهام المعنى، بل هو بمنزلة أن يقال: اتلوا كذا وكذا وآمنوا به، فخوطبوا بهما فقط.

  ومما استدل به أهل هذا القول - مع ما قدمنا من حكايات المذاهب التي لا تخلو عن حجة غالباً - ما أخرجه الطبراني في الكبير عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله ÷ يقول «لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال: أن يكثر المال فيتحاسدوا فيقتتلوا، وأن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله وما يعلم تأويله إلا الله ..» الحديث.