الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في معرفة معنى المتشابه]

صفحة 334 - الجزء 1

  بعلمه، ولا يكلف أحد العلم به، وإنما كلف العلم بأنه من عند ربه، كما قال تعالى {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ٧}⁣[آل عمران: ٧]، والعلم بأنه من عنده فريضة عليهم في متشابه الكتاب.

  (وأما ورود ما لا معنى فيه) أي في القرآن (فيمتنع، خلافاً لبعض الحشوية) في تجويزهم ورود ذلك في الكتاب كالحروف المقطعة.

  والجواب: أن لها معاني، لكن اختلف فيها ما هي؟.

  قال في شرح الجمع: وسموا حشوية من قول الحسن البصري لما وجد كلامهم ساقطاً - وكانوا يجلسون في حلقته أمامه - ردوا هؤلاء إلى حشى الحلقة - أي جانبها - وهم بفتح الشين - على هذا ذكره الأسنوي، وذكر وجه آخر في تسميتهم بذلك وهو أن منهم المجسمة، والأجسام محشوة، فيسكن فيه السين على هذا، لكنه استقوى الأول.

  (والتأويل) لغة من أَوَّلَت الشيء صرفته ورجعته، فكأنه صرف الآية إلى ما تؤول إليه، أي تحتمله من المعاني، وقيل: هو من الإيالة وهي السياسية؛ لأن المؤول للكلام سياسة بوضعه للمعنى موضعه.

  واصطلاحاً: (ترجيح المرجوح لدليل) يصير المعنى به أغلب على الظن من المعنى الظاهر، وخرج مالم يكن فيه ترجيح من البيانات، وما فيه تقوية بقوة للراجح أو ترجيح للمساوي، وما فيه ترجيح لغير دليل فهو وإن سمي تأويلاً باطلٌ، والكلام في الصحيح، وهذا (عند الأصوليين) مثل قوله تعالى {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}⁣[القيامة: ٢٣]، فهو مرجوح بالنظر إلى الظاهر، ولكنه رجح تأويله بالانتظار لدليل يعضده وهو قوله تعالى {لَنْ تَرَانِي}⁣[لأعراف: ١٤٣]، و {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}⁣[الأنعام: ١٠٣]، ولأن النظر يوجب أن يكون المنظور إليه جسماً.

  (و) التأويل: هو (التفسير عند المفسرين) فيكونان مترادفين، قال في التلويح: والتفسير مبالغة الفسر، وهو الكشف، فعلى هذا فيرادفه: كشفٌ لا شبهة فيه، وهو القطع بالمراد، ولهذا يحرم التفسير بالرأي دون التأويل؛ لأنه الظن بالمراد، وحمل الكلام على غير الظاهر.

  وقال بعضهم: سمي ما يصدر منه صلى الله عليه من البيانات للكتاب تفسيراً، ومن غيره تأويلاً، وهو خلاف لفظي.

  (وتختلف مراتبه) أي مراتب التفسير في القوة والضعف: