الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في معرفة معنى المتشابه]

صفحة 336 - الجزء 1

  (ثُمَّ) بعد تفسير الكتاب بالكتاب (التفسير النبوي) وقد اشتمل على ذلك الصحاح والسنن والمسانيد، لكن يجب التحذر عن الضعيف منه والموضوع فإنه كثير، ولهذا قال أحمد: ثلاثة كتب لا أصل لها: المغازي والملاحم والتفسير.

  قال المحققون من أصحابه: مراده أن الغالب أنه ليس لها أسانيد صحاح متصلة وإلا فقد صح من ذلك كثير، كتفسير الظلم بالشرك في آية الأنعام، والحساب اليسير بالعرض، والقوة بالرمي في قوله {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}⁣[لأنفال: ٦٠]، والصحيح من التفسير النبوي قليل جداً، بل أصل المرفوع في غاية القلة.

  (ثُمَّ) بعده (تفسير القرابة) لما خصهم الله به من العلم وتنوير القلوب، ولذلك قال أمير المؤمنين # فيما روى معمر عن وهب بن عبد الله، عن أبي الطفيل، قال: شهدت علياً يخطب وهو يقول: (سلوني، فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم، وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أو في جبل).

  وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا له ظهر وبطن، وإن علي بن أبي طالب عنده منه علم الظاهر والباطن.

  وأخرج أيضاً من طريق أبي بكر بن عياش عن نصر بن سليمان، عن أبيه، عن علي #، قال: (والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت وأين أنزلت، إن ربي وهب لي قلباً عقولاً، ولساناً سؤالاً).

  (ثُمَّ) بعد تفسير القرابة (الصحابة) لأنهم أعرف من غيرهم بأحوال النبي ÷، ولما ثبت من الثناء عليهم في الكتاب والسنة، ولأن القرآن أنزل على لغتهم، فالغلط عنهم أبعد، ولأنهم سألوا رسول الله ÷ عما أشكل، ولا سيما تفسير أمير المؤمنين لما سبق، ولدخوله في القرابة والصحابة، ومثل ابن عباس، وهو أكثر الصحابة تفسيراً، وقد جمع عنه تفسير كامل، وقد دعا له النبي ÷ بالفقه في الدين، وتعليم التأويل، له طرق في المجمع، وعزاه صاحب الأطراف إلى الصحيحين، وفيهما من طريق أبي مسعود «وعلمه الحكمة»، وكان لا يستحل التأويل بالرأي، والطريق أيضاً محفوظة إليه، متصلة غير منقطعة.

  وتفسيره عندهم بمنزلة المرفوع إلى النبي صلى الله عليه كما قاله الحاكم في المستدرك.