الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [إنقسام القرآن إلى قطعي وظني]

صفحة 342 - الجزء 1

  (هندية، وقسطاس: للميزان وهي) لغة (رومية، وإستبرق: لغليظ الديباج، وسجيل: للتراب المطبوخ، وهما فارسيان) فهذه الأشياء واردة في القرآن.

  فالأول: كقوله تعالى {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ}⁣[النور: ٣٥].

  والثاني: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ}⁣[الاسراء: ٣٥].

  والثالث: {بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ}⁣[الرحمن: ٥٤].

  والرابع: {بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ٤}⁣[الفيل: ٤].

  (والمختار) للمذهب، (وفاقاً للشافعي، وابن جريج، والجمهور: منعُ ذلك) لقوله تعال {قُرْآنًا عَرَبِيًّا}⁣[يوسف: ٢]، وقوله تعالى {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}⁣[فصلت: ٤٤]، فنفى الله أن يكون متنوعاً.

  (و) احتجاجهم بهذه اللغات مردود ومدفوع بأن (هذه) المذكورة (مما اتفق فيه اللغتان، كالصابون والتنور) أي اتفقت فيها لغة العرب والعجم.

  وأنت خبير بأن الجزم بأن هذه مما اتفقت فيها اللغتان لا سبيل إليه، مع أنه يكفي في منع ذلك جواز كونه مما اتفقت فيه اللغتان.

  (والخلاف في) وقوع المعرب في القرآن إنما هو في (أسماء الأجناس المتصرف فيها بدخول اللام والإضافة؛ لا الأعلام) فليست من المُعَرَّبَة التي هي محل الخلاف، بل يقع في القرآن، وقد ذكر ذلك ابن متَّويه، ونفاه المهدي، وتأول الورود بأن ذلك من قبيل الموافقة، ومثله ذكر الحاكم ولا يخفى ضعفه، (لأنها بحسب وضعها العلمي ليست مما تنسب إلى لغة دون أخرى) لأن كل واحد من تلك الأعلام واضعه غير واضع تلك، وليست من المعرَّب في شيء لاشتراطنا في المعرب أن يكون موضوعاً في لغة غير العربية ينسب إليها، ولا خفاء في أن الأعلام لا تنسب إلى لغة بحسب وضعها العلمي، ولا هي أيضاً مما تصرفت فيها العرب واستعملتها في كلامهم.

  فإن قيل: لو لم تكن الأعلام معربة لما منعت من الصرف للعجمة.

  قلنا: العجمة أخذ اللفظ من غير لغة العرب سواء كان منهم أولا، والتعريب أخذهم اللفظ مع الوضع من غيرهم، فافترقا.