فصل: في شروط الإستدلال بالأدلة
  والمرجئة كما قال الجوهري مشتقة من الإرجاء وهو التأخير، قال الله تعالى {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ}[لأعراف: ١١١]، أي أخره، فسموا بذلك: لأنهم لا يجعلوا الأعمال سبباً لوقوع العذاب ولا سقوطه، بل أرجوه، أي أخروها وأدحضوها. انتهى كلامه.
  (وشروط الإستدلال بخطاب الرسول ÷ كذلك) في الثلاثة المتقدمة؛ لأنه ÷ لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فيقبح هنا ما يقبح هناك، للزوم المفاسد هنا كما لزمت هناك.
  (و) أن يعلم المستدل (أنه لا يكتم ما أمر بتبليغه) والكتمان صورتان:
  إحداهما: أن يكتم من الكلام ما هو من التخصيصات المتصلة والمنفصلة.
  والثانية: أن يكتم شيئاً لا تعلق له بغيره، بل هو كلام مستقل؛ لأنه لو لم يمتنع الكتمان عليه لم يثق به، وكنا لا نأمن أن يعمل النبي ÷ على المنسوخ مع ورود الناسخ، لكنه كتمه.
  (و) أن يعلم المستدل أنه (لا يحرفه ولا يبدله) لذلك.
  (وشروط الإستدلال بفعله) ثلاثة:
  الأوَّل: (معرفة شروط الإستدلال بالخطاب) قال الشيخ لطف الله بن محمد: والظاهر أن لفظ معرفة زائد لا حاجة إليه؛ إذ شروط الإستدلال بالخطاب هي العلوم المذكورة، ولا معنى لمعرفة علم المستدل أنه يخاطب بما لا يريد مثلاً. انتهى كلامه.
  قال القاضي عبد الله في اللؤلؤ: وفي هذا سؤال، وهو أن يقال: إن هذا ليس بشرط في الإستدلال بأفعاله، ولكن هذا شرط في الإستدلال بالكلام الذي يدل على أن الأفعال حجة نحو قوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١]، وفي قوله تعالى {وَاتَّبِعُوهُ}[لأعراف: ١٥٨]، وما كان كذلك لم يعد شرطاً في الإستدلال بالأفعال، وإن كان كونها حجَّة يترتب على ذلك أن كلامنا في الإستدلال بالأفعال بعد ثبوت كونها حجة، ولو وجب ما ذكرتم لجعل من شروط الإستدلال بالأفعال ثبوت نبوة النبي صلى الله عليه، والعدل والحكمة؛ لأن كون الأفعال حجَّة متفرعة على ذلك، والصحيح أن المعتبر أن يعلم المستدل الشرطين الآخرين.