الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الأول من أبواب الكتاب: باب الأمر

صفحة 352 - الجزء 1

  من أن يكون باللسان أو غيره) ومن ثَمَّ قيل في تعريف الشكر فعل ينشأ عن تعظيم المنعم، مع أنَّ الشكر يكون بالقول كما يكون بغيره.

  وقال (جمهور الأشعريَّة: مشترك بين اللساني والنفساني) لأن هذه الصيغة لفظة وضعت لمعنى هو الطلب، ولا يفتقر في إفادتها لما هي موضوعَة له إلى أمرٍ آخر، وهي القرينة كالأسماء المجازيَّة، وإنما هي دلالة عليها بمطلقها، كدلالة لفظٍ الأسد والحمار على الحيوان المخصوص، وهذا أمارة كونها حقيقة.

  قلنا: لا نسلم أن الأمر النفسي عبارة موضوعة من جهة اللغة، فضلاً عن أن يقال إنها حقيقة أو مجاز؛ لأنهم إنما يضعون العبارات على الحقائق التي قد عرفوها، وهذا الأمر النفسي لا يعرف إلا بالأدلة الدقيقة التي لا يعقلها إلا أفاضل العلماء، فكيف يقال إنهم قد وضعوا له عبارة على جهة الحقيقة، ولم يحظر لأحد منهم على بالٍ، سلمنا أنهم وضعوا عبارة، فإنما وضعوها على ما يفهم من مقصود الطلب، وهو هذه الصيغة المخصوصة لا غير، فإن كان الغرض من الطلب هو هذه العبارة اللفظيَّة فلا إشكال في أن إطلاق لفظ الأمر عليها بالحقيقة، وإنما الأشكال في إطلاقها على الأمر النفسي الذي زعموه.

  (وعن أقلهم: أنه حقيقة في النفساني مجاز في اللساني) وهذه مباهتة كما تقدم، لسبق الفهم عند الإطلاق على اللساني، وعدم ذلك في النفساني، وأن هذين دليلا الحقيقة والمجاز كما تقدم.

  (وحد الصيغة المخصوصة: طلب فعلٍ بقول إنشائي على جهة الاستعلاء والتحتم).

  فقولنا: هو (طلب فعل): ٍ عام في كل لغةٍ وعلى كل لسان، ولم يقل هو قول القائل لغيره أفعل؛ لأن هذا إنما يكون خاصاً بلغة العرب دون غيرها من سائر اللغات.

  وزاد الإمام في معياره: هو طلب الفعل المراد، واحترز به عما يقوله الأشعرية من أن الأمر يكون أمراً من غير إرادة المأمور، والمصنف ترك ذكر الإرادة وبنَى على مذهب القاضي - أعني أنما يؤثر في الشيء لا يذكر في حده، وهو الصحيح -.

  قال الفقه قاسم: وقد أشار إلى القول الأوَّل الشيخ الحسن بن أحمد بن متَّويه ¦ قال: حكى هذا الخلاف الفقيه العالم تقي الدين أحمد بن عيزور ¦. انتهى.

  وقال (بقول): يحترز به عن الإشارة بتحصيل الفعل، فإنها لا تكون أمراً؛ لأن الأمر متعلق بالأقوال.

  وقال (إنشائي): يحترز به عن مثل قولك: أنا أطلبُ منك الفعل فإن مثل هذا وإن كان طلباً للفعل بالقول فإنه لا يكون أمراً، لما كان على جهةٍ الخبر محتملاً للصدق والكذب.