فصل: [في معاني صيغة الأمر]
  (و) السادس: (الامتنان) نحو: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}[النحل: ١١٤]، والفرق بينه وبين الإباحة هي الأذن المجرد، والامتنان أن يقترن به ذكر احتياجياً إليه أو عدم قدرتنا عليه ونحوه، كالتعرض في هذه الآية إلى أن الله تعالى هو الذي رزقه، والعلاقة هي مشابهة إلى الإيجاب في الأول؛ لأن الامتنان إنما يكون فيما أذن فيه.
  (و) السابع: (الإكرام) نحو: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ٤٦}[الحجر: ٤٦]، فليس المراد أمر الإيجاب بقرينة بسلام آمنين، والعلاقة بينه وبين الوجوب كون كل واحد منهما مأذوناً فيه.
  (و) الثامن: (التسخير) نحو: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ٦٥}[البقرة: ٦٥]، فليس المراد طلب ذلك منهم لعدم قدرتهم عليه، والفرق بينه ويبن التكوين الآتي أن التكوين سرعة الوجود عن العدم وليس فيه انتقال من حالة إلى حالة، والتسخير في اللغة الذلة والامتهان، قال تعالى {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا}[الزخرف: ١٣]، أي ذلله وأهانه لنركبه، والعلاقة فيه هي مشابهة معنويّة وهي التحتم في وقوعه وفعل الواجب.
  قال الآسنوي: وقد يقال: العلاقة فيه هي الطلب.
  (و) التاسع: (التعجيز) أي إظهار المعجز، نحو: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}[البقرة: ٢٣]، والعلاقة بينه وبين الإيجاب هي المضادة؛ لأن التعجيز إنما هو في الممتنعات والإيجاب في الممكنات.
  (و) العاشر: (التأديب) نحو: «كل مما يليك»، وجعله الرازي وأتباعه من المندوب، لكن عبارة البيضاوي ومنه وعبارة الرازي وتقرب منه، والعلاقة بينه وبين الوجوب الطلب.
  (و) الحادي عشر: (الإهانَة) نحو: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ٤٩}[الدخان: ٤٩]، وقوله تعالى {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ٥٠}[الاسراء: ٥٠]، فليس المراد طلب ذلك منهم؛ لأنه محال، وإنما المراد قلة المبالاة بهم، والفرق بينها وبين التسخير أنه في التسخير يحصل الفعل، بخلاف الإهانة.
  قال الآسنوي: والعلاقة هي المضادة؛ لأن الإيجاب على العبارة شريف للموجب عليه لتأهيله الخدمة؛ إذ كل أحد لا يصل لخدمة الملك، ولما فيه من رفع درجاتهم، بخلاف الإهانة.
  (و) الثاني عشر: (التسوية) نحو: {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ}[الطور: ١٦]، فإنه سوَّى بين الصبر وعدمه، وليس المراد طلب الصبر وذلك واضح، والفرق بين التسوية والإباحَة أن المخاطب في الإباحة كأنه يوهم كون الفعل محظوراً عليه فأذن له فيه، مع عدم الحرج في تركه، وفي