الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الأول من أبواب الكتاب: باب الأمر

صفحة 356 - الجزء 1

  التسوية كأنه يوهم أحد الطرفين من الفعل أو الترك أرجح له فرفع هذا الوهم بالتسوية بينهما، والعلاقة بينهما وبين الوجوب هي المضادة؛ لأن التسوية بين الفعل والترك مضادة لوجوب الفعل.

  (و) الثالث عشر: (الدعاء) نحو: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ}⁣[لأعراف: ٨٩]، والعلاقة بينه وبين الإيجاب هو الطلب.

  (و) الرابع عشر: (التمني) نحو:

  ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبح وما الإصباح عنك بأمثل

  وإنما جعلنا هذا الشاعر متمنياً ولم نجعله مترجياً؛ لأن الترجي يكون في الممكنات، والتمني في المستحيلات، وليل المحب كأنه مستحيلاً الإنجلاء، ولهذا قال الشاعر: وليل المحب بلا آخر.

  والعلاقة بينه وبين الوجوب هي الطلب.

  (و) الخامس عشر: (الاحتقار) نحو: {أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ٨٠}⁣[يونس: ٨٠]، إذ ما يلقونه من السحر وإن عظم محتقر بالنظر إلى معجز موسى عليه الصلاة والسلام، والفرق بينه وبين الإهانة أن الإهانة إنما تكون بقول أو فعلٍ، أو ترك قول، أو ترك فعل، كترك إجابته والقيام له عند سبق عادته، ولا يكون بمجرد الاعتقاد، والاحتقار قد يحصل بمجرد الاعتقاد فإن من اعتقد في شيء أنه لا يعبأ به ولا يلتفت إليه يقال: إنه احتقره ولا يقال أهانَه، والحاصل أن الإهانة هي الإنكار، والاحتقار عدم المبالاة، والعلاقة بينه وبين الوجوب الطلب.

  (و) السادس عشر: (الإنذار) نحو: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ٣٠}⁣[ابراهيم: ٣٠]، ويفارق التهديد بذكر الوعيد، وجعله الرازي مما يقرب منه غير مستقلٍ، والعلاقة فيه هي المضادة؛ إذ في الإيجابُ تشريف بخلاف الإنذار.

  (و) السابع عشر: (التكوين) نحو قوله تعالى: {كُنْ فَيَكُونُ ١١٧}⁣[البقرة: ١١٧]، والعلاقة بينه وبين الوجوب هو الطلب.

  إذا عرفت هذا فنقول: اتفقوا على أن صيغة (إفعل) ليست حقيقة فيها، بل قالوا: (هو) أي إفعل (مجاز فيما عدا الخمسة الأول) وهي: الوجوب والندب والإباحة والتهديد والإرشاد (اتفاقاً) منهم؛ لأن نحو التسخير والتعجيز والتسوية غير مستفادة من مجرد هذه الصيغة، بل إنما تفهم تلك من القرائن.

  (و) إنما (اختلف فيها، فعند أئمتنا والجمهور) من العلماء: (أنه حقيقة في الوجوب، مجازٌ في غيره).