الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الأول من أبواب الكتاب: باب الأمر

صفحة 358 - الجزء 1

  واختلف في تعيين ما وقع به التوقف، فقد (قيل في كونه للوجوب أو للندب) بمعنى أنه حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر، لكن لا ندري أيهما الذي هو فيه حقيقة، (وقيل: التوقف) ليس في ذلك، بل (في كونه مشتركاً) لفظياً (أو) معنوياً بأن يكون (متواطئاً فيهما) أي الوجوب والندب، والذي في المستصفى أن التوقف بين كونه للوجوب أو للندب أو مشترك لفظي، وهو مخالف لما ذكره المؤلف.

  (وقيل) لفظ إفعل (متواطئ فيهما وفي الإباحة) فهو موضوع (للأذن المشترك بينهما) وقوله: للأذن يحتمل أن يكون للمبتدي المقدر بغير الخبر الأوَّل الذي هو متواطئ، ويحتمل أن يكون تعليلاً للحكم بالتواطؤ أي الوجوب معنى مشترك بينهما وهو الأذن؛ لأنه ثبت عدم المنع من الفعل بالضرورة من لغة العرب، وهو مشترك بين الثلاثة فجعله لأحدها تقييداً بلا دليل.

  قلنا: ثبت التقييد بأدلتنا.

  (وقيل: مشترك بين الثلاثة) التي هي الوجوب والندب والإباحة.

  وقالت (الإماميَّة مشترك بينها) أي الثلاثة (وبين التهديد، وقيل: مشترك بين الخمسة) هذه الأربعة مع الإرشاد.

  لنا على أنه في اللغة موضوع للوجوب: ذم العقلاء من أهل اللغة العبد حيث لم يمتثل أمر سيده، وهم لا يذمون على ترك فعل إلا والفعل واجب، فلو لا أنه موضوع للوجوب لما ذموه، ثُمَّ أنهم يصفون كل مأمورٍ لم يفعل ما أمر به بأنه عاصٍ، وهم لا يصفون بالعصيان إلا من خالف ما حتم عليه، وذلك معنى الوجوب.

  لا يقال: ذمَّ أهل اللغة ووصفهم بالعصيان لا يقضي بالوجوب؛ إذ لا حكمة فيهم ولا عصمة، وأيضاً فإنهم قد يذمون على ترك القبيح كما يفعلونه عند كف أحدهم عن مصاولة الأقران، وإن كان ذلك قبيحاً، وغير ذلك من صنعهم.

  لأنا نقول: إنا لم نحكم بإصابتهم في اعتقادهم وجوب ذلك، وأن ما قالوا بوجوبه فهو واجب في نفس الأمر، وإنما استدللنا به على أنهم وضعوا صيغة الأمر للوجوب واعتادوا استعمالها فيه، وإذا كان تعالى خاطبنا بلغتهم اقتضى ما أطلقه من الصيغ المخصوصَة الوجوب حيث لا قرينَة تصرف عنه، وكذا رسوله ÷.