الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الأول من أبواب الكتاب: باب الأمر

صفحة 368 - الجزء 1

  وأيضاً يلزم أنه لو فعلها في وقت واحد أن تكون جميعها واجبة ولا قائل به، ولو لم يفعلها لم يجب عليه شيء، وذلك معلوم البطلان.

  (وكل من الطائفتين) السابقين (ينسب المذهبين الأخيرين إلى مخالفه) فالأشاعرة يروونه عن المعتزلة، والمعتزلة يروونه عن الأشاعرة، وأنت تعرف أنَّ المذهبين الأخيرين في التحقيق مذهب واحد لاتفاقهم فيهما على تعيينه عند الله وعدم تعيينه على المكلف، وإنما اختلفوا في تفسير المعين عند الله، فالأولون حكموا بعدم عرفانه، والآخرون قالوا: هو ما يفعل، ونسبة كل من الفريقين له إلى الآخر تسمى قول التراجم.

  قال السبكي: وعندي أنه لم يقل به أحد، وإنما المعتزلة تضمن ردهم علينا ومبالغتهم في تقرير تعلق الوجوب بالجميع ذلك فصار معنىً يرد عليه، وأما رواية أصحابنا له عن المعتزلة فلا وجه له لمنافات قواعدهم.

  وقال القاضي عبد الله: لا أدري ما شبهتهم في نسبته إلينا، وليس في كلامنا تصريح بذلك ولا إشارة توهمه، وأمَّا هم فهو ظاهر كلامهم، بل صريحة، (فإذاً لا خلاف في بطلانهما) أي القولين الأخيرين لنفي كل فريق للقول بهما.

  إذا عرفت هذا، فاعلم أنه اختلف هل الخلاف في المسألة لفظي عائد إلى أن المسمى بالواجب المخير ما هو، أو معنوي، فقال:

  (الأقلون) كالإمام والحفيد والرازي والبيضاوي: (والخلاف لفظي) أي راجع إلى التسمية فقط، فعند الأولين أن المسمى بالواجب المخير كل واحدة، وعند الآخرين أن المسمى به الأحد المبهم الموجود في ضمن كل واحدة لا معنوي.

  قال الحفيد: ومع اتفاقهم على سبعة أصول لا نجد معها للنزاع موضعاً:

  منها: أنه لا يجب على المكفر الجمع بينها.

  ومنها: أنه لا يسعه ترك كل واحدٍ منها.

  ومنها: أنَّه بأيها كفر أجزاه.

  ومنها: أنه لو كفر بغير ما كفر به أجزاه.